كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

نَهَارًا انْعَكَسَ الْحُكْمُ عَلَى الْأَصَحِّ وَأَجَابُوا بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ وَنَظِيرُهُ الْقَسْمُ الْوَاجِبُ لِلْمَرْأَةِ لَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ لَيْلًا وَيَأْوِي إِلَى أَهْلِهِ نَهَارًا لَانْعَكَسَ الْحُكْمُ فِي حَقِّهِ مَعَ أَنَّ عِمَادَ الْقَسْمِ اللَّيْلُ نَعَمْ لَوِ اضْطَرَبَتِ الْعَادَةُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يُرْسِلُهَا لَيْلًا وَبَعْضُهُمْ يُرْسِلُهَا نَهَارًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْضَى بِمَا دلّ عَلَيْهِ الحَدِيث

(قَوْلُهُ بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جُرْمٍ)
بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي الْجِزْيَةِ حِكْمَةَ هَذَا الْقَيْدِ وَأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْخَبَرِ فَقَدْ عُرِفَ مِنْ قَاعِدَةِ الشَّرْعِ وَوَقَعَ نَصًّا فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ حَقٌّ وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ ثَلَاثِينَ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ آبَائِهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ وَالذِّمِّيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى الذِّمَّةِ وَهِيَ الْعَهْدُ وَمِنْهُ ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ قَوْلُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ هُوَ بن زِيَاد قَوْله حَدثنَا الْحسن هُوَ بن عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ بِفَاءٍ ثُمَّ قَافٍ مُصَغَّرٌ وَقَدْ بَيَّنْتُ حَالَهُ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ قَوْلُهُ مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو هَكَذَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ بِالْعَنْعَنَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَزَادَ فِيهِ رَجُلًا بَيْنَ مُجَاهِدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن أَبِي عَاصِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ وَجَزَمَ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْدَنْجِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي بَيَانِ الْمُرْسَلِ أَنَّ مُجَاهِدًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَوْلُهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا كَذَا تَرْجَمَ بِالذِّمِّيِّ وَأَوْرَدَ الْخَبَرَ فِي الْمُعَاهَدِ وَتَرْجَمَ فِي الْجِزْيَةِ بِلَفْظِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ عَهْدٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَةٍ أَوْ هُدْنَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ أَمَانٍ مِنْ مُسْلِمٍ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ هُنَا إِلَى رِوَايَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّ لَفْظَهُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ الْحَدِيثَ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْجِزْيَةِ مَنْ تَابَعَ عَبْدَ الْوَاحِدِ عَلَى إِسْقَاطِ جُنَادَةَ وَنَقَلْتُ تَرْجِيحَ الدَّارَقُطْنِيِّ لِرِوَايَةِ مَرْوَانَ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ وَبَيَّنْتُ أَنَّ مُجَاهِدًا لَيْسَ مُدَلِّسًا وَسَمَاعُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ثَابِتٌ فَتَرَجَّحَ رِوَايَةُ عَبْدُ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ تُوبِعَ وَانْفَرَدَ مَرْوَانُ بِالزِّيَادَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَرِحْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْجِزْيَةِ وَالْمُرَادُ بِهَذَا النَّفْيِ وَإِنْ كَانَ عَامًّا التَّخْصِيصُ بِزَمَانٍ مَا لِمَا تَعَاضَدَتِ الْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ وَالنَّقْلِيَّةُ أَنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ غَيْرُ مُخَلَّدٍ فِي النَّارِ وَمَآلُهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَلَوْ عُذِّبَ قَبْلَ ذَلِكَ قَوْلُهُ لَيُوجَدُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِ اللَّامِ قَوْلُهُ أَرْبَعِينَ عَامًا كَذَا وَقَعَ لِلْجَمِيعِ وَخَالَفَهُمْ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَقَالَ سَبْعِينَ عَامًا وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ وَلَفْظُهُ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا وَنَحْوُهُ

الصفحة 259