كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

يَكُنْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ وَلَدٌ تَغَيَّرَ الْقَدْرُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ أَصْلُ الْإِرْثِ وَلَيْسَ هُنَاكَ قَدْرٌ يَتَغَيَّرُ إِلَيْهِ إِلَّا التَّعْصِيبَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَرِثَ الْأُخْتُ مَعَ الِابْنِ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِالْإِجْمَاعِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ اخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ آخِرِ مَا نَزَلَ فَقَالَ الْبَرَاءُ هُنَا خَاتِمَةُ سُورَة النِّسَاء وَقَالَ بن عَبَّاسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ آيَةُ الرِّبَا وَهَذَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الصَّحَابِيَّيْنِ وَلَمْ يَنْقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَالَ بظنه وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْجَمْعَ أَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ هُنَاكَ

(قَوْلُهُ بَابُ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِلْأُمِّ وَالْآخَرُ زَوْجٌ)
صُورَتُهَا أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَتَتْ مِنْهُ بِابْنٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى فَأَتَتْ مِنْهُ بِآخَرَ ثُمَّ فَارَقَ الثَّانِيَةَ فَتَزَوَّجَهَا أَخُوهُ فَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ فَهِيَ أُخْتُ الثَّانِي لِأُمِّهِ وَابْنَةُ عَمِّهِ فَتَزَوَّجَتْ هَذِهِ الْبِنْتُ الِابْنَ الْأَوَّلَ وَهُوَ بن عَمِّهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنِ ابْنَيْ عَمِّهَا قَوْلُهُ وَقَالَ عَلِيٌّ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأَخِ مِنَ الْأُمِّ السُّدُسُ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ يُعْطَى النِّصْفَ لِكَوْنِهِ زَوْجًا وَيُعْطَى الْآخَرُ السُّدُسَ لِكَوْنِهِ أَخًا مِنْ أُمٍّ فَيَبْقَى الثُّلُثُ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِ الْعُصُوبَةِ فَيَصِحُّ لِلْأَوَّلِ الثُّلُثَانِ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ حَكِيمِ بْنِ غَفَّالٍ قَالَ أُتِيَ شُرَيْحٌ فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتِ ابْنَيْ عَمِّهَا أَحَدُهُمَا زَوْجُهَا وَالْآخَرُ أَخُوهَا لِأُمِّهَا فَجَعَلَ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَالْبَاقِيَ لِلْأَخِ مِنَ الْأُمِّ فَأَتَوْا عَلِيًّا فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ إِلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ مَا قَضَيْتَ أَبِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ سنة مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ أَيْنَ قَالَ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله قَالَ فَهَلْ قَالَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأَخِ مَا بَقِيَ ثُمَّ أَعْطَى الزَّوْجَ النِّصْفَ وَلِلْأَخِ مِنَ الْأُمِّ السُّدُسَ ثُمَّ قَسَمَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا وَأَخْرَجَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ قَالَ أُتِيَ عَلِيٌّ فِي ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يُعْطِي الْأَخَ لِلْأُمِّ الْمَالَ كُلَّهُ فَقَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ إِنْ كَانَ لَفَقِيهًا وَلَوْ كُنْتُ أَنَا لَأَعْطَيْتُ الْأَخَ مِنَ الْأُمِّ السُّدُسَ ثمَّ قسمت مَا بقى بَينهمَا قَالَ بن بَطَّالٍ وَافَقَ عَلِيًّا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ عمر وبن مَسْعُودٍ جَمِيعُ الْمَالِ يَعْنِي الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ نَصِيبِ الزَّوْجِ لِلَّذِي جَمَعَ الْقَرَابَتَيْنِ فَلَهُ السُّدُسُ بِالْفَرْضِ وَالثُّلُثُ الْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَاحْتَجُّوا

الصفحة 27