كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)
وَتَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهَا لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَت لي عَائِشَة من قتل الْمخْرج قُلْتُ عَلِيٌّ قَالَتْ فَأَيْنَ قَتَلَهُ قُلْتُ عَلَى نَهْرٍ يُقَالُ لِأَسْفَلِهِ النَّهْرَوَانُ قَالَتِ ائْتِنِي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ فَأَتَيْتُهَا بِخَمْسِينَ نَفْسًا شَهِدُوا أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُ بِالنَّهْرَوَانِ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرِيُّ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ لِسَعْدٍ أَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَخْرُجُ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ إِي وَاللَّهِ وَأَمَّا صِفَةُ قِتَالِهِمْ وَقَتْلِهِمْ فَوَقَعَتْ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ سَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ فَقَالَ عَلِيٌّ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَ بِصِفَتِهِمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ قَالَ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ يَوْمئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِيُّ فَقَالَ لَهُمْ أَلْقُوا الرِّمَاحَ وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِنْ جُفُونِهَا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ قَالَ فَشَجَرَهُمُ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ قَالَ فَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَوْمئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ وَأَخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ مِنْ طَرِيقِ عِمْرَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ كَانَ أَهْلُ النَّهْرِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فَقَتَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَلَمْ يُقْتَلْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِوَى تِسْعَةٍ فَإِنْ شِئْتَ فَاذْهَبْ إِلَى أَبِي بَرْزَةَ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ شَهِدَ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مَسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ فِيمَ فَارَقُوهُ وَفِيمَ اسْتَحَلَّ قِتَالَهُمْ قَالَ لَمَّا كُنَّا بِصِفِّينَ اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي أَهْلِ الشَّامِ فَرَفَعُوا الْمَصَاحِفَ فَذَكَرَ قِصَّةَ التَّحْكِيمِ فَقَالَ الْخَوَارِجُ مَا قَالُوا وَنَزَلُوا حَرُورَاءَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ فَرَجَعُوا ثُمَّ قَالُوا نَكُونُ فِي نَاحِيَتِهِ فَإِنْ قَبِلَ الْقَضِيَّةَ قَاتَلْنَاهُ وَإِنْ نَقَضَهَا قَاتَلْنَا مَعَهُ ثُمَّ افْتَرَقَتْ مِنْهُمْ فِرْقَةٌ يَقْتُلُونَ النَّاسَ فَحَدَّثَ عَلِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِمْ وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ مَرْجِعَهُ مِنَ الْعِرَاقِ لَيَالِيَ قُتِلَ عَلِيٌّ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ تُحَدِّثُنِي بِأَمْرِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ قَالَ إِنَّ عَلِيًّا لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَّمَا الْحَكَمَيْنِ خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا حَرُورَاءُ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ وَعَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ أَلْبَسَكَهُ اللَّهُ وَمِنِ اسْمٍ سَمَّاكَ اللَّهُ بِهِ ثُمَّ حَكَّمْتَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ وَلَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَجَمَعَ النَّاسَ فَدَعَا بِمُصْحَفٍ عَظِيمٍ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ أَيُّهَا الْمُصْحَفُ حَدِّثِ النَّاسَ فَقَالُوا مَاذَا إِنْسَانٌ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ وَوَرَقٌ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رُوِّينَا مِنْهُ فَقَالَ كِتَابُ اللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ يَقُول الله فِي امْرَأَة رجل فان خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا الْآيَةَ وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ أَعْظَمُ مِنِ امْرَأَةِ رَجُلٍ وَنَقَمُوا عَلَيَّ أَنْ كَاتَبْتُ مُعَاوِيَةَ وَقَدْ كَاتِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ثمَّ بعث إِلَيْهِم بن عَبَّاسٍ فَنَاظَرَهُمْ فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ فَبَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى الْآخَرِينَ أَنْ يَرْجِعُوا فَأَبَوْا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ كُونُوا حَيْثُ شِئْتُمْ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا وَلَا تَقْطَعُوا سَبِيلًا وَلَا تَظْلِمُوا أَحَدًا فَإِنْ فَعَلْتُمْ نَبَذْتُ إِلَيْكُمُ الْحَرْبَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ فَوَاللَّهِ مَا قَتَلَهُمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ وَسَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ الْحَدِيثَ وَأخرج النَّسَائِيّ فِي الخصائص صفة مناظرة بن عَبَّاسٍ لَهُمْ بِطُولِهَا وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي السَّائِغَةِ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ لَمَّا فَارَقَتِ الْخَوَارِجُ عَلِيًّا خَرَجَ فِي طَلَبِهِمْ فَانْتَهَيْنَا إِلَى عَسْكَرِهِمْ فَإِذَا لَهُمْ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَإِذَا فِيهِمْ أَصْحَابُ الْبَرَانِسِ أَيِ الَّذِينَ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ قَالَ فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ شِدَّةٌ فَنَزَلْتُ عَنْ فَرَسِي وَقُمْتُ أُصَلِّي فَقُلْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي
الصفحة 296