كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

فِي صُحْبَتِهِ فَذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ الْعَسْكَرِيُّ وَذَكَرَ مَا نَقَلَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي النَّسَبِ أَنَّهُ كَانَ أَصَابَ دَمًا بِمَكَّةَ فِي قُرَيْشٍ فَانْتَقَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمَّا مَاتَ أَوْصَى إِلَى سعد وَذكره بن مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدًا إِلَّا قَوْلَ سَعْدٍ عَهِدَ إِلَىَّ أَخِي أَنَّهُ وَلَدُهُ وَاسْتَنْكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّهُ الَّذِي شَجَّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُحُدٍ قَالَ وَمَا عَلِمْتُ لَهُ إِسْلَامًا بَلْ قَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ عَنْ مِقْسَمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِأَنْ لَا يَحُولَ عَلَى عُتْبَةَ الْحَوْلُ حَتَّى يَمُوتَ كَافِرًا فَمَاتَ قَبْلَ الْحَوْلِ وَهَذَا مُرْسَلٌ وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بِنَحْوِهِ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَقُولُ إِنَّ عُتْبَةَ لَمَّا فَعَلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ تَبعته فَقتلته كَذَا قَالَ وَجزم بن التِّينِ وَالدِّمْيَاطِيُّ بِأَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا قُلْتُ وَأُمُّ عُتْبَةَ هِنْدُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ وَأُمُّ أَخِيهِ سَعْدٍ حَمْنَةُ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَوْلُهُ فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ بن أَخِي فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْمَغَازِي فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي الْفَتْحِ وَفِي رِوَايَةِ مُعَمِّرٍ عَنِ الزُّهْرِي عِنْدَ أَحْمَدَ وَهِيَ لِمُسْلِمٍ لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهَا فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ رَأَى سَعْدٌ الْغُلَامَ فَعَرَفَهُ بِالشَّبَهِ فَاحْتَضَنَهُ وَقَالَ بن أَخِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَقَالَ سعد يَا رَسُول الله هَذَا بن أَخِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ وَعُتْبَةُ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ لَفْظِ أَخِي أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ وَالضَّمِيرُ فِي أَخِي لِسَعْدٍ لَا لِعُتْبَةَ قَوْلُهُ فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمعَة فَقَالَ أخي وبن وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَجَاءَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ بَلْ هُوَ أَخِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ جَارِيَتِهِ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أخي هَذَا بن زَمْعَةَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ زَادَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ فَنَظَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ وَكَذَا لِابْنِ عُيَيْنَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَتَبِعَهُ عِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقْتَنُونَ الْوَلَائِدَ وَيُقَرِّرُونَ عَلَيْهِنَّ الضَّرَائِبَ فَيَكْتَسِبْنَ بِالْفُجُورِ وَكَانُوا يُلْحِقُونَ النَّسَبَ بِالزُّنَاةِ إِذَا ادَّعَوُا الْوَلَدَ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَكَانَتْ لِزَمْعَةَ أَمَةٌ وَكَانَ يُلِمُّ بِهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ زَعَمَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ مِنْهُ وَعَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ فَخَاصَمَ فِيهِ عَبْدُ بْنُ زَمعَة فَقَالَ لَهُ سعد هُوَ بن أَخِي عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ عَبْدٌ هُوَ أَخِي عَلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي الْإِسْلَامِ فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَلْحَقَهُ بِزَمْعَةَ وَأَبْدَلَ عِيَاضٌ قَوْلَهُ إِذَا ادَّعَوُا الْوَلَدَ بِقَوْلِهِ إِذَا اعْتَرَفَتْ بِهِ الْأُمُّ وَبَنَى عَلَيْهِمَا الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ وَلَمْ يَكُنْ حَصَلَ إِلْحَاقُهُ بِعُتْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِمَّا لِعَدَمِ الدَّعْوَى وَإِمَّا لِكَوْنِ الْأُمِّ لَمْ تَعْتَرِفْ بِهِ لِعُتْبَةَ قُلْتُ وَقَدْ مَضَى فِي النِّكَاحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَا يُؤَيِّدُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَبِرُونَ اسْتِلْحَاقَ الْأُمِّ فِي صُورَةٍ وَإِلْحَاقَ الْقَائِفِ فِي صُورَةٍ وَلَفْظُهَا إِنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ الحَدِيث وَفِيه يجْتَمع الرَّهْط مَا دون الْعشْرَة فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَضَتْ لَيَالٍ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَاجْتَمَعُوا عِنْدَهَا فَقَالَتْ قَدْ وَلَدَتْ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ فَيُلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ إِلَى أَنْ قَالَتْ وَنِكَاحُ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ فَوَضَعَتْ جَمَعُوا لَهَا الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَى الْقَائِفَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى وَاللَّائِقُ بِقِصَّةِ أَمَةِ زَمْعَةَ الْأَخِيرِ فَلَعَلَّ جَمْعَ الْقَافَةِ لِهَذَا الْوَلَدِ تَعَذَّرَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِصِفَةِ الْبَغَايَا بَلْ أَصَابَهَا عُتْبَةُ سِرًّا مِنْ زِنًا وَهُمَا كَافِرَانِ فَحَمَلَتْ وَوَلَدَتْ وَلَدًا يُشْبِهُهُ فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْهُ فَبَغَتَهُ الْمَوْتُ قَبْلَ اسْتِلْحَاقِهِ فَأَوْصَى أَخَاهُ أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ فَعَمِلَ سَعْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ تَمَسُّكًا بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ

الصفحة 33