كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

أَيْضًا زِيَادَةٌ فِي أَوَّلِ الْمَنَامِ وَلَفْظُهُ إِنِّي بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي قُمْ فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَإِذَا أَنَا بِجَوَادٍّ بِجِيمٍ وَدَالٍ مُشَدَّدَةٍ جَمْعُ جَادَّةٍ وَهِيَ الطَّرِيقُ الْمَسْلُوكَةُ عَنْ شِمَالِي قَالَ فَأَخَذْتُ لَآخُذَ فِيهَا أَيْ أَسِيرَ فَقَالَ لَا تَأْخُذْ فِيهَا فَإِنَّهَا طُرُقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِهِ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ عَرَضَ لِي طَرِيقٌ عَنْ شِمَالِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْلُكَهَا فَقَالَ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا رَجَعَ إِلَى رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ وَإِذَا مَنْهَجٌ عَلَى يَمِيني فَقَالَ لي خُذ هَا هُنَا فَأَتَى بِي جَبَلًا فَقَالَ لِي اصْعَدْ قَالَ فَجَعَلْتُ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَصْعَدَ خَرَرْتُ حَتَّى فعلت ذَلِك مرَارًا وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ جَبَلًا زَلَقًا فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَلَ بِي فَإِذَا أَنَا فِي ذِرْوَتِهِ فَلَمْ أَتَقَارَّ وَلَمْ أَتَمَاسَكْ وَإِذَا عَمُودٌ حَدِيدٌ فِي ذِرْوَتِهِ حَلْقَةٌ مِنْ ذَهَبٍ فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَلَ بِي حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقَالَ اسْتَمْسِكْ فَاسْتَمْسَكْتُ قَالَ فَضَرَبَ الْعَمُودَ بِرِجْلِهِ فَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ قَوْلُهُ فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُوتُ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى زَادَ فِي رِوَايَة بن عَوْنٍ فَقَالَ تِلْكَ الرَّوْضَةُ رَوْضَةُ الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى لَا تَزَالُ مُسْتَمْسِكًا بِالْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ وَزَادَ فِي رِوَايَة خَرشَة عِنْد النَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ فَقَالَ رَأَيْتُ خَيْرًا أَمَّا الْمَنْهَجُ فَالْمَحْشَرُ وَأَمَّا الطَّرِيقُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَالَ أَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي عَنْ يَسَارِكَ فَهِيَ طُرُقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ وَالطُّرُقُ الَّتِي عَنْ يَمِينِكَ طُرُقُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ طُرُقُ أَهْلِ النَّارِ وَطُرُقُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ اتَّفَقَا وَأَمَّا الْجَبَلُ فَهُوَ مَنْزِلُ الشُّهَدَاءِ زَادَ مُسْلِمٌ وَلَنْ تَنَالَهُ وَأما العمود إِلَى آخِره وَزَاد النَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ فِي آخِرِهِ فَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا وَفِي الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَفِيهِ مِنْ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا مَعْرِفَةُ اخْتِلَافِ الطُّرُقِ وَتَأْوِيلٌ لِلْعَمُودِ وَالْجَبَلِ وَالرَّوْضَةِ الْخَضْرَاءِ وَالْعُرْوَةِ وَفِيهِ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ لَا يَمُوتُ شَهِيدًا فَوَقَعَ كَذَلِكَ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَة بِالْمَدِينَةِ وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا قَالُوا فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ كَذَا قَالَ وَالَّذِي أَوْرَدْتُهُ مِنْ طُرُقِ الْقِصَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا ذَكَرَ طَرِيقَ الشِّمَالِ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنَّمَا قَالَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ عَلَى سَبِيلِ التَّوَاضُعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَرَاهَةَ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ خَشْيَةَ أَنْ يَدْخُلَهُ الْعُجْبُ ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أصلا وَالله أعلم

الصفحة 399