كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

(

قَوْله بَاب الْقَيْد فِي الْمَنَام أ)
ي مَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ مَا يَكُونُ تَعْبِيرُهُ وَظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْخَبَرِ أَنَّهُ يُعْبَرُ بِالثَّبَاتِ فِي الدِّينِ فِي جَمِيعِ وُجُوهِهِ لَكِنَّ أَهْلَ التَّعْبِيرِ خَصُّوا ذَلِكَ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ أُخْرَى كَمَا لَوْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَفَرَهُ أَوْ مَرَضَهُ يَطُولُ وَكَذَا لَوْ رَأَى فِي الْقَيْدِ صِفَةً زَائِدَةً كَمَنْ رَأَى فِي رِجْلِهِ قَيْدًا مِنْ فِضَّةٍ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ فَإِنَّهُ لِأَمْرٍ يَكُونُ بِسَبَبِ مَالٍ يَتَطَلَّبُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ صُفْرٍ فَإِنَّهُ لِأَمْرٍ مَكْرُوهٍ أَوْ مَالٍ فَاتَ وَإِنْ كَانَ مِنْ رَصَاصٍ فَإِنَّهُ لِأَمْرٍ فِيهِ وَهَنٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَبْلٍ فَلِأَمْرٍ فِي الدِّينِ وَإِنْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ فَلِأَمْرٍ فِيهِ نِفَاقٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَطَبٍ فَلِتُهْمَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ خِرْقَةٍ أَوْ خَيْطٍ فَلِأَمْرٍ لَا يَدُومُ

[7017] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ هُوَ الْعَطَّارُ الْبَصْرِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ فِي بَابُ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ وَلِبَعْضِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ كَمَا هُنَا وَلِأَبِي نُعَيْمٍ هُنَا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّباح وَفِي شُيُوخ البُخَارِيّ بن الصَّبَّاحِ ثَلَاثَةٌ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا وَمُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَخَا الْآخَرِ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُعْتَمر هُوَ بن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ وَعَوْفٌ هُوَ الْأَعْرَابِيُّ قَوْلُهُ إِذَا اقْترب الزَّمَان لم يكد رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِتَقْدِيمِ تَكْذِبُ عَلَى رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ عَوْفٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِي قَوْلِهِ إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَقَارُبَ زَمَانِ اللَّيْلِ وَزَمَانِ النَّهَارِ وَهُوَ وَقْتُ اسْتِوَائِهِمَا أَيَّامَ الرَّبِيعِ وَذَلِكَ وَقْتُ اعْتِدَالِ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ غَالِبًا وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْحَدِيثِ وَالْمُعَبِّرُونَ يَقُولُونَ أَصْدَقُ الرُّؤْيَا مَا كَانَ وَقْتَ اعْتِدَالِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَإِدْرَاكِ الثِّمَارِ وَنَقَلَهُ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالْمُعَبِّرُونَ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْدَقَ الْأَزْمَانِ لِوُقُوعِ التَّعْبِيرِ وَقْتُ انْفِتَاقِ الْأَزْهَارِ وَإِدْرَاكِ الثِّمَارِ وَهُمَا الْوَقْتَانِ اللَّذَانِ يَعْتَدِلُ فِيهِمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ إِنَّ اقْتِرَابَ الزَّمَانِ انْتِهَاءُ مُدَّتِهِ إِذَا دَنَا قِيَامُ السَّاعَةِ قُلْتُ يُبْعِدُ الْأَوَّلُ التَّقْيِيدَ بِالْمُؤْمِنِ فَإِنَّ الْوَقْتَ الَّذِي تَعْتَدِلُ فِيهِ الطَّبَائِعُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَقد جزم بن بَطَّالٍ بِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّوَابُ وَاسْتَنَدَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَا تَكْذِبُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا قَالَ فَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى إِذَا اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَقُبِضَ أَكْثَرُ الْعِلْمِ وَدَرَسَتْ مَعَالِمُ الدِّيَانَةِ بِالْهَرْجِ وَالْفِتْنَةِ فَكَانَ النَّاسُ عَلَى مِثْلِ الْفَتْرَةِ مُحْتَاجِينَ إِلَى مُذَكِّرٍ وَمُجَدِّدٍ لِمَا دَرَسَ مِنَ الدِّينِ كَمَا كَانَتِ الْأُمَمُ تُذَكَّرُ بِالْأَنْبِيَاءِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ نَبِيُّنَا خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ وَصَارَ الزَّمَانُ الْمَذْكُورُ يُشْبِهُ زَمَانَ الْفَتْرَةِ عُوِّضُوا بِمَا مُنِعُوا مِنَ النُّبُوَّةِ بَعْدَهُ بِالرُّؤْيَا الصَّادِقَةِ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ الْآتِيَةِ بِالتَّبْشِيرِ وَالْإِنْذَارِ انْتهى وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِلَفْظِ إِذَا قَرُبَ الزَّمَانُ وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِلَفْظِ إِذَا تَقَارَبَ الزَّمَانُ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْفِتَنِ مِنْ وَجْهٍ

الصفحة 405