كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

بِحرف لن مَعَ الْجَزْم وَوَجهه بن مَالِكٍ بِأَنَّهُ سَكَّنَ الْعَيْنَ لِلْوَقْفِ ثُمَّ شَبَّهَهُ بِسُكُونِ الْجَزْمِ فَحَذَفَ الْأَلِفَ قَبْلَهُ ثُمَّ أَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَزَمَهُ بِلَنْ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ حَكَاهَا الْكِسَائِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ قَوْلُهُ كَطَيِّ الْبِئْرِ لَهُ قُرُونٌ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَهَا وَقُرُونُ الْبِئْرِ جَوَانِبُهَا الَّتِي تُبْنَى مِنْ حِجَارَةٍ تُوضَعُ عَلَيْهَا الْخَشَبَةُ الَّتِي تَعَلَّقَ فِيهَا الْبَكْرَةُ وَالْعَادَةُ أَنَّ لِكُلِّ بِئْرٍ قَرْنَيْنِ وَقَوْلُهُ وَأَرَى فِيهَا رِجَالًا مُعَلَّقِينَ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ الَّتِي بَعْدَ هَذَا فَإِذَا فِيهَا نَاسٌ عَرَفْتُ بَعْضَهُمْ قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَلَى تَسْمِيَة أحد مِنْهُم قَالَ بن بطال فِي هَذَا الْحَدِيد أَنَّ بَعْضَ الرُّؤْيَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَعَلَى أَنَّ مَا فُسِّرَ فِي النَّوْمِ فَهُوَ تَفْسِيرُهُ فِي الْيَقِظَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزِدْ فِي تَفْسِيرِهَا عَلَى مَا فَسَّرَهَا الْمَلَكُ قُلْتُ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ وَقَوْلُ الْمَلَكِ قَبْلَ ذَلِكَ نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ لَوْ كُنْتَ تُكْثِرُ الصَّلَاةَ وَوَقَعَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ أَن الْملك قَالَ لَهُ لَمْ تَرُعْ إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَفِي آخِرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ وَفِيهِ وُقُوعُ الْوَعِيدِ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ وَجَوَازُ وُقُوعِ الْعَذَاب علىذلك قُلْتُ هُوَ مَشْرُوطٌ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى التَّرْكِ رَغْبَةً عَنْهَا فَالْوَعِيدُ وَالتَّعْذِيبُ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْمُحَرَّمِ وَهُوَ التّرْك بِقَيْد الْإِعْرَاضُ قَالَ وَفِيهِ أَنَّ أَصْلَ التَّعْبِيرِ مِنْ قبل الْأَنْبِيَاء وَلذَلِك تمنى بن عُمَرَ أَنَّهُ يَرَى رُؤْيَا فَيَعْبُرَهَا لَهُ الشَّارِعُ لِيَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَصْلًا قَالَ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَشْعَرِيُّ بِأَنَّ أَصْلَ التَّعْبِيرِ بِالتَّوْقِيفِ مِنْ قِبَلِ الْأَنْبِيَاء وعَلى ألسنتهم قَالَ بن بَطَّالٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنَّ الْوَارِدَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَصْلًا فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْمَرَائِي فَلَا بُدَّ لِلْحَاذِقِ فِي هَذَا الْفَنِّ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِحُسْنِ نَظَرِهِ فَيَرُدَّ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ إِلَى حُكْمِ التَّمْثِيلِ وَيُحْكَمَ لَهُ بِحُكْمِ النِّسْبَةِ الصَّحِيحَةِ فَيُجْعَلَ أَصْلًا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ كَمَا يَفْعَلُ الْفَقِيهُ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ وَفِيهِ جَوَازُ الْمَبِيتِ فِي الْمَسْجِدِ ومشروعية النِّيَابَة فِي قصّ الرُّؤْيَا وتأدب بن عُمَرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَهَابَتُهُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَقُصَّ رُؤْيَاهُ بِنَفْسِهِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا هَالَتْهُ لَمْ يُؤْثِرْ أَنْ يَقُصَّهَا بِنَفْسِهِ فَقَصَّهَا عَلَى أُخْتِهِ لِإِدْلَالِهِ عَلَيْهَا وَفَضْلُ قِيَامِ اللَّيْلِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَبسطه فِي كتاب التَّهَجُّد وَالله أعلم

الصفحة 419