كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

حَصَلَا فِي يَوْمِ بَدْرٍ قُلْتُ وَفِي هَذَا السِّيَاقِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ جُمْلَةِ الرُّؤْيَا وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَتَحَرَّرْ إِيرَادُهُ وَأَنَّ رِوَايَةَ بن إِسْحَاقَ هِيَ الْمُحَرَّرَةُ وَأَنَّهُ رَأَى بَقَرًا وَرَأَى خَيْرًا فَأَوَّلَ الْبَقَرَ عَلَى مَنْ قُتِلَ مِنَ الصَّحَابَةِ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَوَّلَ الْخَيْرَ عَلَى مَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِ الصِّدْقِ فِي الْقِتَالِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْجِهَادِ يَوْمَ بَدْرٍ وَمَا بَعْدَهُ إِلَى فَتْحِ مَكَّةَ وَالْمُرَادُ بِالْبَعْدِيَّةِ عَلَى هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِمَا بَيْنَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ بن بَطَّاٍل وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِبَدْرٍ بَدْرَ الْمَوْعِدِ لَا الْوَقْعَةِ الْمَشْهُورَةِ السَّابِقَةِ عَلَى أُحُدٍ فَإِنَّ بَدْرَ الْمَوْعِدِ كَانَتْ بَعْدَ أُحُدٍ وَلَمْ يَقَعْ فِيهَا قِتَالٌ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ لَمَّا رَجَعُوا مِنْ أُحُدٍ قَالُوا مَوْعِدُكُمُ الْعَامَ الْمُقْبِلَ بَدْرٌ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنِ انْتُدِبَ مَعَهُ إِلَى بَدْرٍ فَلَمْ يَحْضُرِ الْمُشْرِكُونَ فَسُمِّيَتْ بَدْرٌ الْمَوْعِدُ فَأَشَارَ بِالصِّدْقِ إِلَى أَنَّهُمْ صَدَقُوا الْوَعْدَ وَلَمْ يُخْلِفُوهُ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ بِمَا فَتَحَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قُرَيْظَة وخيبر وَمَا بعْدهَا وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ النَّفْخِ فِي الْمَنَامِ)
قَالَ أَهْلُ التَّعْبِير النفخ يعبر بالْكلَام وَقَالَ بن بَطَّالٍ يُعْبَرُ بِإِزَالَةِ الشَّيْءِ الْمَنْفُوخِ بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ شَدِيدٍ لِسُهُولَةِ النَّفْخِ عَلَى النَّافِخِ وَيَدُلُّ عَلَى الْكَلَامِ وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ الْكَذَّابِينَ الْمَذْكُورِينَ بِكَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِمَا

[7037] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنَا قَوْلُهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهَوَيْهِ قَوْلُهُ هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ قَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا الصَّنِيعِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَأَنَّ نُسْخَةَ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَتْ عِنْدَ إِسْحَاقَ بِهَذَا السَّنَدِ وَأَوَّلُ حَدِيثٍ فِيهَا حَدِيثُ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ الْحَدِيثَ فِي الْجُمُعَةِ وَبَقِيَّةُ أَحَادِيثِ النُّسْخَةِ مَعْطُوفَةٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِسْحَاقُ إِذَا أَرَادَ التَّحْدِيثَ بِشَيْءٍ مِنْهَا بَدَأَ بِطَرَفٍ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَعَطَفَ عَلَيْهِ مَا يُرِيدُ وَلَمْ يَطَّرِدْ هَذَا الصَّنِيعُ لِلْبُخَارِيِّ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَاطَّرَدَ صَنِيعُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ هُنَاكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَكِنْ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَبْدَأْ فِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ بِقَوْلِهِ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ وَذَلِكَ مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قَرَّرْتُهُ وَيُعَكِّرُ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذِه الْجُمْلَة أول حَدِيث الْبَاب وتكلف لذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق قَوْلُهُ إِذْ أُتِيتُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ كَذَا وَجَدْتُهُ فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمَعْنَى الْمَجِيءِ وَبِحَذْفِ الْبَاءِ مِنْ خَزَائِنَ وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ وَعِنْدَ غَيْرِهِ أُوتِيَتْ بِزِيَادَةِ وَاوٍ مِنَ الْإِيتَاءِ بِمَعْنَى الْإِعْطَاءِ وَلَا إِشْكَالَ فِي حَذْفِ الْبَاءِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلِبَعْضِهِمْ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ بِإِثْبَاتِ الْبَاءِ

الصفحة 423