كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

وَسُكُونِ اللَّامِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَذَبَ فِي حُلْمِهِ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ تَحَلَّمَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَفَعَهُ مَنْ كَذَبَ فِي حُلْمِهِ كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَقْدُ شَعِيرَةٍ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ وَقَدْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْأَعْلَىِ بْنِ عَامِرٍ ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ ذَكَرَ لَهُ طُرُقًا مَرْفُوعَةً وَمَوْقُوفَةً عَن بن عَبَّاس

[7042] قَوْله حَدثنَا سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ قَوْلُهُ عَنْ أَيُّوبَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأَصْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ قَالَ سُفْيَانُ وَصَلَهُ لَنَا أَيُّوبُ قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى عِكْرِمَةَ هَل هُوَ عَن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا أَوْ هُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا قَوْلُهُ مَنْ تَحَلَّمَ أَيْ مَنْ تَكَلَّفَ الْحُلْمَ قَوْلُهُ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ فِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ عِنْدَ أَحْمَدَ عُذِّبَ حَتَّى يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَيْسَ عَاقِدًا وَعِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ مَنْ تَحَلَّمَ كَاذِبًا دُفِعَ إِلَيْهِ شَعِيرَةٌ وَعُذِّبَ حَتَّى يَعْقِدَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا وَلَيْسَ بِعَاقِدٍ وَهَذَا مِمَّا يدل على أَن الحَدِيث عِنْد عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعًا لِاخْتِلَافِ لَفْظِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ عَنْهُمَا وَالْمُرَادُ بِالتَّكَلُّفِ نَوْعٌ مِنَ التَّعْذِيبِ قَوْلُهُ وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ فِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ وَهُمْ يَفِرُّونَ مِنْهُ وَلَمْ يَشُكَّ قَوْلُهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي رِوَايَةِ عَبَّادٍ صُبَّ فِي أُذُنِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابٌ وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَلَا يُعْجِبُهُمْ أَنْ يَسْتَمِعَ حَدِيثَهُمْ أُذِيبَ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ قَوْلُهُ وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِي رِوَايَةِ عَبَّادٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ أَوَّلُهَا الْكَذِبُ عَلَى الْمَنَامِ ثَانِيهَا الِاسْتِمَاعُ لِحَدِيثِ مَنْ لَا يُرِيدُ اسْتِمَاعَهُ ثَالِثُهَا التَّصْوِيرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ اللِّبَاسِ من طَرِيق النَّضر بن أنس عَن بن عَبَّاسٍ حَدِيثُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ وَأَمَّا الْكَذِبُ عَلَى الْمَنَامِ فَقَالَ الطَّبَرِيُّ انما اشْتَدَّ فِيهِ الْوَعيد مَعَ أَنَّ الْكَذِبَ فِي الْيَقَظَةِ قَدْ يَكُونُ أَشَدَّ مَفْسَدَةً مِنْهُ إِذْ قَدْ تَكُونُ شَهَادَةً فِي قَتْلٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ أَخْذِ مَالٍ لِأَنَّ الْكَذِبَ فِي الْمَنَامِ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ أَرَاهُ مَا لَمْ يَرَهُ وَالْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ أَشَدُّ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ الْآيَةَ وَإِنَّمَا كَانَ الْكَذِبُ فِي الْمَنَامِ كَذِبًا عَلَى اللَّهِ لِحَدِيثِ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ وَمَا كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ فَهُوَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى مُلَخَّصًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ قَبْلَ بَابِ ذِكْرِ أَسْلَمَ وَغِفَارٍ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ وائلة الْآتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَقَالَ الْمُهلب فِي قَوْلِهِ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ حُجَّةٌ لِلْأَشْعَرِيَّةِ فِي تَجْوِيزِهِمْ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ وَمِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ وَأَجَابَ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وسعهَا أَوْ حَمَلُوهُ عَلَى أُمُورِ الدُّنْيَا وَحَمَلُوا الْآيَةَ وَالْحَدِيثَ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى أُمُورِ الْآخِرَةِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فَلَا نُطِيلُ بِهَا وَالْحَقُّ أَنَّ التَّكْلِيفَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ لَيْسَ هُوَ التَّكْلِيفَ الْمُصْطَلَحَ وَإِنَّمَا هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّعْذِيبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا التَّكْلِيفُ الْمُسْتَفَادُ مِنَ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ فَالْأَمْرُ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْجِيزِ وَالتَّوْبِيخِ لِكَوْنِهِمْ أُمِرُوا بِالسُّجُودِ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى ذَلِكَ فَامْتَنَعُوا فَأُمِرُوا بِهِ حَيْثُ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ تَعْجِيزًا وَتَوْبِيخًا وتعذيبا وَأما إِلَّا فَتقدم اسْتِمَاع التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِئْذَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ ثَالِثٍ وَقَدْ قُيِّدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ لِمَنْ يَكُونُ كَارِهًا لِاسْتِمَاعِهِ فَأَخْرَجَ

الصفحة 428