كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

الْجَاهِلِيَّةِ يَنْقُلُونَ الْوَلَاءَ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَنَهَى الشَّرْع عَن ذَلِك وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ اتَّفَقَ الْجَمَاعَةُ عَلَى الْعَمَلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّهَا وَهَبَتْ وَلَاءَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ قُلْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَالَ بن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ جَوَازُ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَكَذَا عَنْ عُرْوَةَ وَجَاءَ عَنْ مَيْمُونَةَ جَوَاز هبة الْوَلَاء وَكَذَا عَن بن عَبَّاسٍ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الْحَدِيثُ قُلْتُ قَدْ انكر ذَلِك بن مَسْعُودٍ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ فَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَيَبِيعُ أَحَدُكُمْ نَسَبَهُ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ الْوَلَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ النَّسَبِ وَمِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ بَيْعَ الْوَلَاءِ وهبته وَمن طَرِيق عَطاء أَن بن عُمَرَ كَانَ يُنْكِرُهُ وَمِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ لَا يَجُوزُ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَمِنْ ثَمَّ فصلوا فِي النَّقْل عَن بن عَبَّاس بَين البيع وَالْهِبَة وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ مَعْنَى الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ أَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَهُ بِالْحُرْمَةِ إِلَى النَّسَبِ حُكْمًا كَمَا أَنَّ الْأَبَ أَخْرَجَهُ بِالنُّطْفَةِ إِلَى الْوُجُودِ حِسًّا لِأَنَّ الْعَبْدَ كَانَ كَالْمَعْدُومِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ لَا يَقْضِي وَلَا يَلِي وَلَا يَشْهَدُ فَأَخْرَجَهُ سَيِّدُهُ بِالْحُرِّيَّةِ إِلَى وُجُودِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مِنْ عَدَمِهَا فَلَمَّا شَابَهَ حُكْمَ النَّسَبِ أُنِيطَ بِالْمُعْتَقِ فَلِذَلِكَ جَاءَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَأُلْحِقَ بِرُتْبَةِ النَّسَبِ فَنُهِيَ عَنْ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ أَمْرٌ وَجُودِيٌّ لَا يَتَأَتَّى الِانْفِكَاكُ عَنْهُ كَالنَّسَبِ فَكَمَا لَا تَنْتَقِلُ الْأُبُوَّةُ وَالْجُدُودَةُ فَكَذَلِكَ لَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ إِلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْوَلَاءِ جُرْمًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمِيرَاثِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُعْتَقَةَ آخَرَ فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ حُرًّا لِحُرِّيَّةِ أُمِّهِ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِيهَا لَوْ مَاتَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ أَبَاهُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَلَدِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ يَنْتَقِلُ إِذَا مَاتَ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ اتِّفَاقًا انْتَهَى وَهَذَا لَا يَقْدَحُ فِي الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّسْوِيَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَاخْتُلِفَ فِيمَنِ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ كَالْمُكَاتَبِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ وَلَاءَهُ لِسَيِّدِهِ وَقِيلَ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَفِي وَلَاءِ مَنْ أَعْتَقَ سائبة وَقد تقدم قَرِيبا

(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ)
كَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَزَادَ الْفَرَبْرِيُّ وَالْأَكْثَرُ رَجُلٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْكشميهني

الصفحة 45