كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

وَانْحِسَامُ وُجُوهِ الرَّأْيِ وَالْخَوْضُ فِيهَا بِالظَّنِّ لَا انْضِبَاطَ لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ فَإِنَّ لِلرَّأْيِ فِيهَا مَجَالًا وَالِانْضِبَاطَ فِيهَا مُمْكِنٌ غَالِبًا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ لِلتَّرْجَمَةِ وَقِيلَ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ يَتَضَمَّنُ الْحَثَّ عَلَى الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ وَذَلِكَ فَرْعُ تَعَلُّمِهِ وَعِلْمُ الْفَرَائِضِ يُؤْخَذُ غَالِبًا بِطَرِيقِ الْعِلْمِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ فِي الْحَدِيثِ

[6724] وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَعَلُّمُ الْفَرَائِضِ لِيُعْلَمَ الْأَخُ الْوَارِثُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِ الْفَرَائِضِ حَدِيثٌ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ الْمُصَنِّفِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم من حَدِيث بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الِاثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَرُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ إِنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَالِاخْتِلَافُ عَلَيْهِ أَنَّهُ جَاءَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَسْعُودٍ وَجَاءَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي أَسَانِيدِهَا عَنْهُ أَيْضًا اخْتِلَافٌ وَلَفْظُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ وَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ رَاشِدٍ الْحِمَّانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَالْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ أَوْشَكَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَخْتَصِمُ الرَّجُلَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَرَاشِدٌ مَقْبُولٌ لَكِنَّ الرَّاوِيَ عَنْهُ مَجْهُولٌ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظِ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن طَرِيقِ عَطِيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا تَعْلَمُوا الْفَرَائِضَ كَمَا تَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ فَإِنَّهَا مِنْ دينكُمْ وَعَن بن مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا أَيْضًا مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَتَعَلَّمِ الْفَرَائِضَ وَرِجَالُهَا ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِي أَسَانِيدِهَا انْقِطَاعًا قَالَ بن الصَّلَاحِ لَفْظُ النِّصْفِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا وَقَدْ قَالَ بن عُيَيْنَةَ إِذْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ إِنَّهُ يُبْتَلَى بِهِ كُلُّ النَّاسِ وَقَالَ غَيْرُهُ لِأَنَّ لَهُمْ حَالَتَيْنِ حَالَةَ حَيَاةٍ وَحَالَةَ مَوْتٍ وَالْفَرَائِضُ تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْمَوْتِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تُتَلَقَّى مِنَ النُّصُوصِ وَمِنَ الْقِيَاسِ وَالْفَرَائِضُ لَا تُتَلَقَّى إِلَّا مِنَ النُّصُوصِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَابِ مَا يُنْهَى عَنِ التَّحَاسُدِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْأَدَبِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى وَفِيهِ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالظَّنِّ هُنَا وَأَنَّهُ الَّذِي لَا يَسْتَنِدُ إِلَى أَصْلٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ ظَنُّ السُّوءِ بِالْمُسْلِمِ وبن طَاوُسٍ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ

الصفحة 5