كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

وَفِي الْمَعْنَى الْكَثْرَةُ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى مُفِيدِ الْكَثْرَةِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ أَخَذَ عَنْ عُلَمَاءِ الدِّينِ عِلْمَهُمْ يُرِيدُ عِلْمَ كُلٍّ مِنْهُمْ قَالَ وَاحْتَجُّوا بقوله قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ إِلَى آخِرِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْخِطَابَ بِذَلِكَ وَقَعَ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ وَأَمَّا مَا أَجَابُوا بِهِ عَنْ حَدِيثِ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِلَّةُ الْكُفْرِ وَمِلَّةُ الْإِسْلَامِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إِذَا صَحَّ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ فَمَرْدُودٌ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ عَلَى جَوَازِ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْكِتَابِ بِالْآحَادِ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم عَامٌّ فِي الْأَوْلَادِ فَخُصَّ مِنْهُ الْوَلَدُ الْكَافِرُ فَلَا يَرِثُ مِنَ الْمُسْلِمِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْعَ حَصَلَ بِالْإِجْمَاعِ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ إِذَا حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وَفْقِهِ كَانَ التَّخْصِيصُ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالْخَبَرِ فَقَطْ قُلْتُ لَكِنْ يَحْتَاجُ مَنِ احْتَجَّ فِي الشِّقِّ الثَّانِي بِهِ إِلَى جَوَابٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُذَّاقِ طَرِيقُ الْعَامِّ هُنَا قَطْعِيٌّ وَدَلَالَتُهُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ ظَنِّيَّةٌ وَطَرِيقُ الْخَاصِّ هُنَا ظَنِّيَّةٌ وَدَلَالَتُهُ عَلَيْهِ قَطْعِيَّةٌ فَيَتَعَادَلَانِ ثُمَّ يَتَرَجَّحُ الْخَاصُّ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِ يَسْتَلْزِمُ الْجمع بَين الدَّلِيلَيْنِ الْمَذْكُورين بِخِلَاف عَكسه

(قَوْلُهُ بَابُ مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ وَالْمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِغَيْرِ حَدِيثٍ وَلِأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْمُسْتَمْلِي وَالْكُشْمِيهَنِيِّ بَابُ مَنِ ادَّعَى أَخًا أَوِ بن أَخٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ حَدِيثًا ثُمَّ قَالَ عَنِ الثَّلَاثَةِ بَابُ مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ وَالْمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَيْضًا فِيهِ حَدِيثًا ثُمَّ قَالَ عَنْهُمْ بَاب إِثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ وَذَكَرَ قِصَّةَ سَعْدٍ وَعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ فَجرى بن بطال وبن التِّينِ عَلَى حَذْفِ بَابِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَده وَجعل قصَّة بن زَمْعَةَ لِبَابِ مَنِ ادَّعَى أَخًا وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي بَابِ مِيرَاثِ الْعَبْدِ حَدِيثًا عَلَى مَا وَقَعَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَأَمَّا الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَلَمْ يَقَعْ عِنْدَهُ بَابُ مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ بَلْ وَقَعَ عِنْدَهُ بَابُ إِثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ وَقَالَ ذَكَرَهُ بِلَا حَدِيثٍ ثُمَّ قَالَ بَابُ من ادّعى أَخا أَو بن أَخٍ وَذَكَرَ قِصَّةَ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ بَابُ مِيرَاثِ النَّصْرَانِيِّ وَمَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ وَمَنِ ادَّعَى أَخًا أَوِ بن أَخٍ وَهَذَا كُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَأَمَّا النَّسَفِيُّ فَوَقَعَ عِنْدَهُ بَابُ مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ وَالْمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ وَقَالَ لَمْ يَكْتُبْ فِيهِ حَدِيثًا وَفِي عَقِبِهِ بَابُ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ وَمَنِ ادَّعَى أَخًا أَوِ بن أَخ وَذكر فِيهِ قصَّة بن زَمْعَةَ فَتَلَخَّصَ لَنَا مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْأَكْثَر جعلُوا قصَّة بن زَمعَة

الصفحة 52