كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

لِيَفْضَحَهُ فِي الدُّنْيَا فَضَحَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَدِيثَ وَفِي سَنَدِهِ الْجَرَّاحُ وَالِدُ وَكِيعٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَله طَرِيق أُخْرَى عَن بن عمر أخرجه بن عَدِيٍّ بِلَفْظِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَفِي سَنَدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الزُّعَيْزِعَةِ رَاوِيَةً عَنْ نَافِعٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ الْحَدِيثَ وَفِي سَنَدِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حِجَازِيٌّ مَا رَوَى عَنْهُ سِوَى يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ

(قَوْلُهُ بَابُ مَنِ ادُّعِيَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ)
لَعَلَّ الْمُرَادَ إِثْمُ مَنِ ادُّعِيَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ أَوْ أَطْلَقَ لِوُقُوعِ الْوَعِيدِ فِيهِ بِالْكُفْرِ وَبِتَحْرِيمِ الْجَنَّةِ فَوَكَلَ ذَلِكَ إِلَى نَظَرِ مَنْ يَسْعَى فِي تَأْوِيلِهِ

[6766] قَوْلُهُ خَالِد هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ الطَّحَّانَ وَخَالِدٌ شَيْخُهُ هُوَ بن مِهْرَانَ الْحَذَّاءُ وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ وَسَعْدٌ هُوَ بن أَبِي وَقَّاصٍ وَالسَّنَدُ إِلَى سَعْدٍ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ وَالْقَائِلُ فَذَكَرْتُهُ لِأَبِي بَكْرَةَ هُوَ أَبُو عُثْمَانَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي أَوَّلِهِ قِصَّةٌ وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ لَمَّا ادُّعِيَ زِيَادٌ لَقِيتُ أَبَا بَكْرَةَ فَقُلْتُ مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ إِنِّي سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ بِزِيَادٍ الَّذِي ادُّعِيَ زِيَادُ بْنُ سُمَيَّةَ وَهِيَ أُمُّهُ كَانَتْ أَمَةً لِلْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ زَوَّجَهَا لِمَوْلَى عُبَيْدٍ فَأَتَتْ بِزِيَادٍ عَلَى فِرَاشِهِ وَهُمْ بِالطَّائِفِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ أَهْلُ الطَّائِفِ فَلَمَّا كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ سَمِعَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ كَلَامَ زِيَادٍ عِنْدَ عُمَرَ وَكَانَ بَلِيغًا فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ إِنِّي لَأَعْرِفُ مَنْ وَضَعَهُ فِي أُمِّهِ وَلَوْ شِئْتُ لَسَمَّيْتُهُ وَلَكِنْ أَخَافُ مِنْ عُمَرَ فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ الْخِلَافَةَ كَانَ زِيَادٌ عَلَى فَارِسَ مِنْ قِبَلِ عَلِيٍّ فَأَرَادَ مُدَارَاتَهُ فَأَطْمَعَهُ فِي أَنَّهُ يُلْحِقُهُ بِأَبِي سُفْيَانَ فَأَصْغَى زِيَادٌ إِلَى ذَلِكَ فَجَرَتْ فِي ذَلِكَ خُطُوبٌ إِلَى أَنِ ادَّعَاهُ مُعَاوِيَةُ وَأَمَّرَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ ثُمَّ عَلَى الْكُوفَةِ وَأَكْرَمَهُ وَسَارَ زِيَادٌ سِيرَتَهُ الْمَشْهُورَةَ وَسِيَاسَتَهُ الْمَذْكُورَةَ فَكَانَ كثير من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مُحْتَجِّينَ بِحَدِيثِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَقَدْ مَضَى قَرِيبًا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّ أَبُو عُثْمَانَ أَبَا بَكْرَةَ بِالْإِنْكَارِ لِأَنَّ زِيَادًا كَانَ أَخَاهُ مِنْ أُمِّهِ وَلِأَبِي بَكْرَةَ مَعَ زِيَادٍ قِصَّةٌ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا وَأَبَا بَكْرَةَ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَبِي بَكْرَةَ قَوْلُهُ مَنِ ادُّعِيَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَفِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنِ ادَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ أَبِيهِ وَالثَّانِي مِثْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبَى ذَرٍّ وَفِيه

الصفحة 54