كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 12)

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بِلَفْظ قَالَ بن شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيث أبي بكر هَذَا إِلَّا النهية وَتَقَدَّمَ فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يزِيد عَن بن شِهَابٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وبن الْمُسَيَّبِ يَقُولَانِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ مَرْفُوعًا وَقَالَ بعده قَالَ بن شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنْ أَبَا بَكْرٍ يَعْنِي أَبَاهُ كَانَ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ يَقُولُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُلْحِقُ مَعَهُنَّ وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ وَالْبَاقِي نَحْوُ الَّذِي هُنَا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيّ عَن بن شهَاب عَن بن الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَاقَهُ مَسَاقًا وَاحِدًا من غير تَفْصِيل قَالَ بن الصَّلَاحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى مُسْلِمٍ قَوْلَهُ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُلْحِقُ مَعَهُنَّ وَلَا يَنْتَهِبُ يُوهِمُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَلَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنْتَهِبُ أَحَدُكُمْ نُهْبَةً الْحَدِيثَ فَصَرَّحَ بِرَفْعِهِ انْتَهَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ بَلْ قَالَ مِثْلَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ لَكِنْ قَالَ يَرْفَعُ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ أَعْيُنَهُمْ فِيهَا الْحَدِيثَ قَالَ وَزَادَ وَلَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ حِينَ يَغُلُّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ وَسَيَأْتِي فِي الْمُحَارِبِينَ مِنْ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ هَذَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَلَا يَقْتُلُ وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى بَعْضِ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ وَأَسْتَوْعِبُهُ هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الطَّبَرِيُّ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي أَدَاءِ لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ ثُمَّ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي تَأْوِيلِهِ وَمِنْ أَقْوَى مَا يَحْمِلُ عَلَى صَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ إِيجَابُ الْحَدِّ فِي الزِّنَا عَلَى أَنْحَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي حَقِّ الْحُرِّ الْمُحْصَنِ وَالْحُرِّ الْبِكْرِ وَفِي حَقِّ الْعَبْدِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِنَفْيِ الْإِيمَانِ ثُبُوتَ الْكُفْرِ لَاسْتَوَوْا فِي الْعُقُوبَةِ لِأَنَّ الْمُكَلَّفِينَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ سَوَاءٌ فَلَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مُخْتَلِفًا دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرْتَكِبَ ذَلِكَ لَيْسَ بِكَافِرٍ حَقِيقَةً وَقَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَفْعَلُ هَذِهِ الْمَعَاصِيَ وَهُوَ كَامِلُ الْإِيمَانِ هَذَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَى نَفْيِ الشَّيْءِ وَالْمُرَادُ نَفْيُ كَمَالِهِ كَمَا يُقَالُ لَا عِلْمَ إِلَّا مَا نَفَعَ وَلَا مَالَ إِلَّا مَا يُغَلُّ وَلَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَاهُ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ وَحَدِيثِ عُبَادَةَ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُمْ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَن لَا يسرقوا وَلَا يَزْنُوا الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ وَمَنْ لَمْ يُعَاقَبْ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ فَهَذَا مَعَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء مَعَ إِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبَائِرِ لَا يَكْفُرُ إِلَّا بِالشِّرْكِ يَضْطَرُّنَا إِلَى تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ وَنَظَائِرِهِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ ظَاهِرٌ سَائِغٌ فِي اللُّغَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِيهَا كَثِيرًا قَالَ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ مُسْتَحِلًّا مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ مَعْنَاهُ يُنْزَعُ عَنْهُ اسْمُ الْمَدْحِ الَّذِي سَمَّى اللَّهُ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ مُؤْمِنٌ وَيَسْتَحِقُّ اسْمَ الذَّمِّ فَيُقَالُ سَارِق وزان وَفَاجِر وفاسق وَعَن بن عَبَّاسٍ يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَانِ وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ وَعَنِ الْمُهَلَّبِ تُنْزَعُ مِنْهُ بَصِيرَتُهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ مِنَ الْمُشْكِلِ الَّذِي نؤمن بِهِ ونمر كُلَّمَا جَاءَ وَلَا نَتَعَرَّضُ لِتَأْوِيلِهِ قَالَ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُحْتَمَلَةٌ وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْتُهُ قَالَ وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ غيرما ذَكَرْتُهُ مِمَّا لَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ بَعْضُهَا غَلَطٌ

الصفحة 60