عن أبي هريرة قال: " كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار، وهو الذي يحيينا ويميتنا، فيسبون الدهر، فقال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم بسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديثه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم الحديث "، وفي الموطأ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقولن أحدكم: يا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر "، وقد استدل بهذا الحديث من قال: إن الدهر من أسماء الله تعالى، ومرادهم بهذا الحصر إنكار أن يكون الموت بواسطة ملك الموت وإضافة الحوادث إلى الدهر والزمان، وأن المؤثر في هلاك الأنفس هو مرور الأيام والليالي (¬1).
(وما لهم بذلك) أي بنسبة الحوادث إلى حركات الأفلاك وما يتعلق بها على الإستقلال (من علم) ثم بين كون ذلك صادراً منهم لا عن علم فقال: (إن هم إلا يظنون) أي ما هم إلا قوم غاية ما عندهم الظن، فما يتكلمون إلا به، ولا يستندون إلا إليه.
¬_________
(¬1) روى مسلم 4/ 1763 لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله.
(وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات) أي إذا تليت آيات القرآن على المشركين حال كونها واضحات ظاهرة المعنى والدلالة على البعث أو مبينات لما يخالف معتقدهم قاله الكرخي.
(ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا) أحياء (إن كنتم صادقين) أنا نبعث بعد الموت أي ما كان لهم حجة ولا متمسك ولا متشبث يتعلقون ويعارضون به إلا هذا القول الباطل الذي ليس من الحجة في شيء وإنما سماه حجة مع أنه ليس بحجة لأنهم أدلوا به كما يدلي المحتج بحجته، وساقوه مساقها فسمي حجة على سبيل التهكم، أو لأنه في حسابهم وتقديرهم حجة، ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم فقال: