كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 12)
(أَهْلُ الْمَدِينَةِ) أَيْ أَهْلُ بَلَدٍ فِيهِمْ عَشَّارٌ وغيره من الظلمة قاله القارىء (لقبل منهم) وقال بن الْمَلَكِ لَوْ قُسِمَ هَذَا الْمِقْدَارُ مِنَ التَّوْبَةِ على أهل المدينة لكفاهم انتهى
قال القارىء وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَعْنَى فَإِنَّ التَّوْبَةَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ وَالتَّجْزِئَةِ فَأَمَّا مَا وَرَدَ اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ فَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَوْ عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا انْتَهَى
قُلْتُ مَا قَالَ بن الْمَلَكِ هُوَ الظَّاهِرُ وَيُؤَيِّدُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَاعِزٍ لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ إِلَخْ وَأَمَّا مَا زَعَمَ القارىء من أن التوبة غير قابلة للقمسة فَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ مَعَ اسْتِقَامَةِ الْمَعْنَى الظَّاهِرِ مِنَ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَعِلْمُهُ أَتَمُّ (رَوَاهُ أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ أَيْضًا) أَيْ كما رواه إسرائيل (عن سماك) أي بن حَرْبٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي الْبُخَارِيَّ يَقُولُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَلَا أَدْرَكَهُ يُقَالُ إِنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ بِأَشْهُرٍ
(بَاب فِي التَّلْقِينِ فِي الْحَدِّ)
يُقَالُ لَقَّنَهُ الْكَلَامَ فَهَّمَهُ إِيَّاهُ وَقَالَ لَهُ مِنْ فِيهِ مُشَافَهَةً
[4380] (أُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِلِصٍّ) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ مُثَلَّثُ اللَّامِ أَيْ جِيءَ بِسَارِقٍ (اعْتَرَفَ اعْتِرَافًا) أَيْ أَقَرَّ إِقْرَارًا صَحِيحًا (وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ) أَيْ مِنَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ (مَا إِخَالُكَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ هُوَ الْأَفْصَحُ وَأَصْلُهُ الْفَتْحُ قُلِبَتِ الْفَتْحَةُ بِالْكَسْرَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلَا يَفْتَحُ هَمْزَتَهَا إِلَّا بَنُو أَسَدٍ فَإِنَّهُمْ يُجْرُونَهَا عَلَى الْقِيَاسِ وَهُوَ مِنْ خَالَ يَخَالُ أي ما أظنك (سرقت) قاله درأ لِلْقَطْعِ
قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ قِيلَ أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ تَلْقِينَ الرُّجُوعِ عَنِ الِاعْتِرَافِ (بَلَى) أَيْ سَرَقْتَ
الصفحة 29