كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 12)

وَيُهَيَّئُونَ
وَحَاصِلُ السُّؤَالِ أَلَّا نَتْرُكَ مَشَقَّةَ الْعَمَلِ فَإِنَّا سَنُصَيَّرُ إِلَى مَا قُدِّرَ عَلَيْنَا
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَا مَشَقَّةَ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَهُوَ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ
قَالَ الطِّيبِيُّ الْجَوَابُ مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ مَنَعَهُمْ عَنْ تَرْكِ الْعَمَلِ وَأَمَرَهُمْ بِالْتِزَامِ مَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ وَزَجَرَهُمْ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي الْأُمُورِ الْمَغِيبَةِ فَلَا يَجْعَلُوا الْعِبَادَةَ وَتَرْكَهَا سَبَبًا مُسْتَقِلًّا لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ بَلْ هِيَ عَلَامَاتٌ فَقَطْ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى) أَيْ حَقَّ اللَّهِ مِنَ الْمَالِ أَوِ الِامْتِثَالِ (وَاتَّقَى) أَيْ خَافَ مُخَالَفَتَهُ أَوْ عُقُوبَتَهُ وَاجْتَنَبَ مَعْصِيَتَهُ (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) أَيْ بِكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (فَسَنُيَسِّرُهُ) أَيْ نُهَيِّئُهُ فِي الدُّنْيَا (لِلْيُسْرَى) أَيْ لِلْخُلَّةِ الْيُسْرَى وَهُوَ الْعَمَلُ بِمَا يَرْضَاهُ (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ) أَيْ بِالنَّفَقَةِ فِي الْخَيْرِ (وَاسْتَغْنَى) أَيْ بِشَهَوَاتِ الدُّنْيَا عَنْ نَعِيمِ الْعُقْبَى (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى) أَيْ بِكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) أَيْ لِلْخُلَّةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الْعُسْرِ وَالشِّدَّةِ وَهِيَ خِلَافُ الْيُسْرَى
وَفِي الْكَشَّافِ سَمَّى طَرِيقَةَ الْخَيْرِ بِالْيُسْرَى لِأَنَّ عَاقِبَتَهُ الْيُسْرُ وَطَرِيقَةَ الشَّرِّ بِالْعُسْرَى لِأَنَّ عَاقِبَتَهُ الْعُسْرُ
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي وبن مَاجَهْ
(أَخْبَرَنَا كَهْمَسٌ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وفتح الميم وبالسين المهملة هو بن الحسن أبو الحسن التميمي البصري (عن يحي بْنِ يَعْمُرَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيُقَالُ بِضَمِّهَا وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِوَزْنِ الْفِعْلِ وَالْعَلَمِيَّةِ (أَوَّلُ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ) أَيْ بِنَفْيِ الْقَدَرِ (مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ نِسْبَةً إِلَى جُهَيْنَةَ قَبِيلَةٍ مِنْ قُضَاعَةَ (وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِيَاءِ النِّسْبَةِ (فَوَفَّقَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ
قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ مَعْنَاهُ جُعِلَ وَفْقًا لَنَا وَهُوَ مِنَ الْمُوَافَقَةِ الَّتِي هِيَ كَالِالْتِحَامِ يُقَالُ أتانا لميفاق الْهِلَالِ وَمِيفَاقِهِ أَيْ حِينَ أَهَلَّ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَهِيَ لَفْظَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الِاجْتِمَاعِ وَالِالْتِئَامِ
وَفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ فوافق

الصفحة 300