كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 12)

مَا تُولَدُ تَكُونُ سَلِيمَةً مِنَ الْجَدْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُيُوبِ حَتَّى يُحْدِثَ فِيهَا أَرْبَابُهَا النَّقَائِصَ كَذَلِكَ الطِّفْلُ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَلَوْ تُرِكَ عَلَيْهَا لَسَلِمَ مِنَ الْآفَاتِ إِلَّا أَنَّ وَالِدَيْهِ يُزَيِّنَانِ لَهُ الْكُفْرَ وَيَحْمِلَانِهِ عَلَيْهِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هريرة (إن أهل الأهواء) المراد بهم ها هنا الْقَدَرِيَّةُ (قَالَ مَالِكٌ احْتَجَّ) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنَ الِاحْتِجَاجِ (عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ (بِآخِرِهِ) أَيْ بِآخِرِ الْحَدِيثِ (قَالُوا أَرَأَيْتَ إِلَخْ) هَذَا بيان لآخر الحديث

ــــــــــــQوفي الصحيحين عن بن عَبَّاس سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَاد الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّه أَعْلَم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ إِذْ خَلَقَهُمْ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عن أبي بن كعب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْغُلَام الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِر طُبِعَ كَافِرًا وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الصَّعْب بْن جَثَّامَة قَالَ سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدَّار مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيّهمْ فَقَالَ هُمْ مِنْهُمْ
وَفِي لَفْظ لَهُمَا هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ
وَهَذِهِ الْأَحَادِيث لَا تَنَاقُض بَيْنهَا بَلْ يُصَدِّق بَعْضهَا بَعْضًا
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْأَطْفَال عَلَى ثَمَانِيَة أَقْوَال
أَحَدهَا الْوَقْف فِيهِمْ وَتَرْك الْكَلَام فِي مُسْتَقَرّهمْ وَيُوَكَّل عِلْمهمْ إِلَى اللَّه تَعَالَى
قَالَ هَؤُلَاءِ وَظَوَاهِر السُّنَن وَأَجْوِبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم في حديث بن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَكَّلَ عِلْمهمْ إِلَى اللَّه وَقَالَ اللَّه أَعْلَم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ
قالوا وقد روى بن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث جَرِير بْن حَازِم قَالَ سَمِعْت أَبَا رَجَاء الْعُطَارِدِيّ قَالَ سمعت بن عَبَّاس يَقُول وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَال أَمْر هَذِهِ الْأُمَّة قِوَامًا أَوْ مُقَارِبًا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي الْوِلْدَان وَالْقَدَر
قَالَ أَبُو حَاتِم الْوِلْدَان أَرَادَ بِهِمْ أَطْفَال الْمُشْرِكِينَ
وَفِيمَا اِسْتَدَلَّتْ بِهِ هَذِهِ الطَّائِفَة نَظَر وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُجِبْ فِيهِمْ بِالْوَقْفِ وَإِنَّمَا وَكَّلَ عِلْم مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ لَوْ عَاشُوا إِلَى اللَّه وَهَذَا جَوَاب عَنْ سُؤَالِهِمْ كَيْف يَكُونُونَ مَعَ آبَائِهِمْ بِغَيْرِ عَمَل وَهُوَ طَرَف مِنْ الْحَدِيث

الصفحة 320