كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 12)

اخْتَلَفُوا فِيهِ} الآية [سورة النحل آية: 64] .
وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية [سورة النساء آية: 65] .
وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله " 1 وقال صلى الله عليه وسلم " تركتم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك ".
فإذا عرفت هذه المقدمة - وهي الأصول الثلاثة - الاتباع، وتحريم الإعراض، ووجوب رد ما تنازعوا فيه، إلى ما أنزل إليهم من ربهم، وما جاء به نبيهم من السنة، وما عليه سلف الأمة.
فالجواب: أن هذه البدعة بدعة الجهمية، ومقالتهم في الصفات، إنما حدثت في أواخر عصر التابعين، ومأخوذة عن تلامذة اليهود والمشركين، وضلال الصابئين؛ وأول من حفظت عنه هذه المقالة: الجعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم بن صفوان، فنسبت مقالة الجهمية إليه.
وقد قيل: إن الجعد أخذ هذه المقالة عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان عن طالوت - وما اختلفوا فيه -، وطالوت عن لبيد اليهودي، الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم؛ ومستندهم في ذلك قول الأخطل، كافر نصراني; فإذا عرفت: أن أصل هذه المقالة - التحريف التعطيل - مأخوذة عمن ذكرنا: تلامذة الصابئين، والمشركين، واليهود، فكيف تطيب نفس مؤمن، بل نفس عاقل أن يأخذ سبيل هؤلاء المغضوب عليهم والضالين، ويدع
__________
1 الترمذي: المناقب 3788 , وأحمد 3/14 ,3/17 ,3/26 ,3/59.

الصفحة 477