كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 12)

وأما مذهب السلف في ذلك، واعتقادهم: فيثبتون للرب ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات العلى، والأسماء الحسنى، كما قال بعضهم يروي ذلك عن مالك، رحمه الله، وعليه السلف، كما قال ربيعة وابن عيينة، وغيرهما من أهل العلم بالقبول، لما سئل عن الاستواء: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب.
وروي عن بعضهم مثل ذلك، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى آية: 11] .
وقال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [سورة طه آية: 110] ، فالممثل يعبد صنما، والمعطل يعبد عدما، والموحد يعبد إلها أحدا صمدا {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [سورة الإخلاص آية: 3-4] .
وقال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [سورة الصافات آية: 180-181-182] ، في تبليغهم ما أرسلوا به، {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الأنعام آية: 45] .
وأما قولك: "في" تقع ظرفية، فهي تقع ظرفية، وتقع بمعنى الاستعلاء، كما قال تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [سورة التوبة آية: 2] . وقال، إخبارا عن فرعون: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [سورة طه آية: 71] ، و {فِي الْأَرْضِ} [سورة البقرة آية: 11] ، أي على الأرض; وهذا مفهوم معهود في خطاب القرآن، فقوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [سورة الملك آية: 16] ، بمعنى الاستعلاء، أي: من على السماء.
ولكن قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [سورة آل عمران آية: 7] ، مرض

الصفحة 482