كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 12)

أَصْحَابِ النَّارِ} [سورة الزمر آية: 8] .
وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم لما سئل: " أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك " 1.
وأما الكلام على الدعاء، فالدعاء من أجل الطاعات وأعظم العبادات، وصرفه لغير الله من أعظم المنكرات، وقد بين الله في كتابه العزيز، خصوصا، فيه: الآيات المحكمات; ولم يكثر الله في نوع من أنواع العبادة في كتابه أعظم من الدعاء، كالسجود لغير الله، فذكر الذبح في موضعين، وذكر أنواع العبادة كذلك; وأما الدعاء فذكره في نحو ثلاثمائة موضع على أنواع.
تارة يذكره على صيغة الأمر به، كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [سورة غافر آية: 60] ، سماه الله عبادة، فلأجل ذلك قرن الأمر به الأمر بالإخلاص أيضا، كما قال تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة غافر آية: 65] .
وقال تعالى: {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [سورة الأعراف آية: 29] ؛ فأمر، وأكد بأن يكونوا في دعائه مخلصين، كذلك قال تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [سورة غافر آية: 14] ، فأخبر أن لا يكره دعاءه، والإخلاص له في عبادته، إلا من كان صفته الكفر.
وقال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} [سورة العنكبوت آية: 65-66] ، فدلت هذه الآية الكريمة
__________
1 البخاري: تفسير القرآن 4477 , ومسلم: الإيمان 86 , والترمذي: تفسير القرآن 3182 , والنسائي: تحريم الدم 4013 , وأبو داود: الطلاق 2310 , وأحمد 1/434.

الصفحة 486