كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 12)

الآخر: " الدعاء هو العبادة " 1 أي معظم العبادة ليس نفيا لغيره من أنواعها، كقوله صلى الله عليه وسلم: " الحج عرفة " 2 أي: معظم الحج عرفة.
فتبين بهذين الحديثين: أن من دعا الله، فقد صرف معظم العبادة، ومخها وخالصها لله، ومن دعا غير الله، فقد صرف معظم العبادة، ومخها وخالصها لغير الله، سواء كان المدعو نبيا أو ملكا، أو وليا، شاء أم أبى; ومما يؤيد ذلك: أن الدعاء معظم كل عبادة، كما في الصلاة، وكما في الحج، وكذلك سائر الأركان، كالصيام، والقيام، وسائر العبادات.
ثم هو الدعاء أيضا، فمعظم العبادة وأنواعها تبعا له، كالتذلل; لأن العبادة في اللغة: الذل، يقال: طريق معبد أي مذلل، وهو كمال الخضوع، مع المحبة والرجاء، والخوف والرغبة والرهبة، فهذه الأنواع معظم العبادة، وهي تبع له.
قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} الآية [سورة السجدة آية: 16] .
وقال تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [سورة الأنبياء آية: 90] .
وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} [سورة الأعراف آية: 55] إلى قوله: {خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [سورة الأعراف آية: 56] .
فإذا فهمت: أنه معظم العبادة ومخها، فنهى الله عباده أن يشركوا به في عبادته أحدا، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [سورة الكهف آية
__________
1 الترمذي: تفسير القرآن 2969 , وابن ماجه: الدعاء 3828.
2 الترمذي: الحج 889 , والنسائي: مناسك الحج 3016 , وأبو داود: المناسك 1949 , وابن ماجه: المناسك 3015 , وأحمد 4/335.

الصفحة 490