كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 12)

القدري، والكوني، والشرعي له، أي: لا يحكم، ولا يشرع، ولا يقضي إلا هو.
{الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سورة غافر آية: 12] ,
وهذا الأصل الثالث: إثبات الصفات، لأنه أثبت له جل وعلا العلو، وأنه الكبير؛ وهذا كثير في القرآن يجمع بين هذين الوصفين، كما قال تعالى: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [سورة الرعد آية: 9] .
وتارة يجمع بين العلي والعظيم، كما في آية الكرسي; فيا سبحان الله! ماذا حُرمه المعرضون؟ فكيف وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [سورة المائدة آية: 44] . فلما أثبت له جل وعلا هذين الوصفين العظيمين، قال في غير هذا الموضع مخبرا: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [سورة الحديد آية: 9] .
وقال: {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} [سورة غافر آية: 13] ، فأرشد سبحانه: أن العلي الكبير، الذي له الحكم أنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم آيات بينات.
وهذا الأصل الرابع على أن القرآن مُنَزَّلٌ من عند الله، منه بدأ وإليه يعود، وأنه آيات بينات، وهذا كقوله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} [سورة هود آية: 1-2] .
وهذا الأصل الخامس، وهو أن القرآن أنزل محكما مفصلا من لدن حكيم خبير، وأن زبدة ما جاء فيه: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} [سورة هود آية: 2] ؛ وهو أيضا دال على إثبات أصول الإيمان، بسياق هذه

الصفحة 492