كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 12)

اعتقاد سلف الأمة ومتقدميها، وهم الأسوة وسط، أخذوا ذلك من الكتاب، ومشكاة النبوة؛ وهو أنه صلى الله عليه وسلم قبض ودفن، وزالت عنه الحياة الدنيوية، كما قال أبو بكر رضي الله عنه - حين قبله – (ما أطيبك حيا وميتا ... ) إلخ.
وأما حياة البرزخ، فهو حي الحياة البرزخية، وكذلك الشهداء أيضا أحياء، كما نص على ذلك الكتاب والسنة; ولحوم الأنبياء لا تأكلها الأرض; ويبلغه التسليم ممن سلم عليه.
فلو كان حيا حياة دنيوية، فما يقال في وقعة الحرة، وما جرى فيها من القتل والسبي، أفلا نهاهم؟ ولا جاء أحد من أصحابه يرفع الأمر إليه، لعلمهم بذلك، كما صرح به القرآن {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [سورة الزمر آية: 30] ، وله من الحرمة كما له في حياته، والآثار والأخبار يطول تتبعها في ذلك، وإنما ذكرنا إشارة.
وأما الاستغاثة به فنهى عنها صلى الله عليه وسلم في حياته، قال: " إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله عز وجل " الحديث; وكذلك إنكاره تعالى على الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات، وذكر مقالتهم إلى قوله: {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [سورة التوبة آية: 59] ، ولم يقل ورسوله، أفردوا الرغبة له تعالى; وأنكر صلى الله عليه وسلم على من قال: " ما شاء الله وشئت; قال: أجعلتني لله ندا؟ "1 الحديث، فنعوذ بالله أن نكون كالنصارى، حيث لم يقبلوا ما قال لهم نبيهم فيه: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي
__________
1 أحمد 6/371.

الصفحة 500