كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

ثُمَّ يَسْرِي، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ: أَعْتَقْتُ نَصِيبِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ، أَوِ النِّصْفَ الَّذِي أَمْلِكُهُ، فَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُ نَصِيبَ شَرِيكِي، أَوْ نَصِيبُ شَرِيكِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ حُرٌّ، فَهُوَ لَغْوٌ، وَلَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ لِعَبْدٍ يَمْلِكُ نِصْفَهُ: أَعْتَقْتُ نِصْفَكَ، فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يَمْلِكُهُ، أَمْ عَلَى النِّصْفِ شَائِعًا؟ وَجْهَانِ.
وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَعْتِقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَكَادُ يَظْهَرُ لِهَذَا الْخِلَافِ فَائِدَةٌ إِلَّا فِي تَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ إِعْتَاقٍ. وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ عَبْدٍ يَمْلِكُ نِصْفَهُ، فَإِنْ قَالَ: بِعْتُ النِّصْفَ الَّذِي أَمْلِكُهُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ، أَوْ نَصِيبِي مِنْهُ وَهُمَا يَعْلَمَانِهِ، صَحَّ. وَإِنْ أَطْلَقَ وَقَالَ: بِعْتُ نِصْفَهُ، فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ، أَمْ عَلَى النِّصْفِ شَائِعًا؟ وَجْهَانِ، فَعَلَى الثَّانِي يَبْطُلُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ. وَفِي صِحَّتِهِ فِي نِصْفِ نَصِيبِهِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِنِصْفِهِ الْمُشْتَرَكِ، فَفِيهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُحْمَلُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ. وَفِي الْإِقْرَارِ عَلَى الْإِشَاعَةِ أَنَّهُ إِخْبَارٌ، وَاسْتَحْسَنَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ هَذَا، وَصَحَّحَ الْبَغَوِيُّ الْإِشَاعَةَ فِيهِمَا.
قُلْتُ: الرَّاجِحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: إِنْ دَخَلْتَ دَارَ زَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ فَنَصِيبِي مِنْكَ حُرٌّ، فَدَخَلَهَا، عَتَقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبُهُ، وَلَا يُقَوَّمُ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ دُفْعَةً، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: إِنْ كَلَّمْتَ زَيْدًا فَنَصِيبِي مِنْكَ حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ شَتَمْتَهُ، فَنَصِيبِي مِنْكَ حُرٌّ فَشَتَمَهُ. وَكَذَا لَوْ وَكَّلَا رَجُلًا فِي عِتْقِهِ فَأَعْتَقَ كُلَّهُ دُفْعَةً، وَلَا أَثَرَ لِوُقُوعِ التَّعْلِيقَيْنِ أَوِ التَّوْكِيلَيْنِ فِي

الصفحة 119