كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

لَوْ مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَلَفْظُ الصَّيْدَلَانِيِّ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْمَيِّتُ فِي يَدِهِ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِ الْوَارِثِ إِلَى التَّرِكَةِ، وَقَبْلَ الْإِقْرَاعِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُحْسَبُ الْمَيِّتُ عَلَى الْوَارِثِ، حَتَّى لَوْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ، عَتَقَ كُلُّهُ ; لِأَنَّ الْمَيِّتَ دَخَلَ فِي يَدِهِ وَضَمَانِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ ثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى التَّرِكَةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّطْ عَلَى التَّصَرُّفِ. وَلَوْ مَاتَ اثْنَانِ مِنْهُمْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِ الْمَيِّتَيْنِ، صَحَّ عِتْقُ نِصْفِهِ، وَجُعِلَ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ، وَهُوَ الْعَبْدُ الْحَيُّ. وَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الرِّقِّ عَلَيْهِ، أَقْرَعْنَا بَيْنَ الْمَيِّتِ الْآخَرِ وَالْحَيِّ، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْآخَرِ، أَعْتَقْنَا نِصْفَهُ، وَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الرِّقِّ عَلَيْهِ، لَمْ يُحْسَبْ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَأَعْتَقْنَا ثُلُثَ الْحَيِّ. وَلَوْ قُتِلَ أَحَدُ الْعَبِيدِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَهُ، دَخَلَ الْقَتِيلُ فِي الْقُرْعَةِ قَطْعًا ; لِأَنَّ قِيمَتَهُ تَقُومُ مَقَامَهُ، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ، عَتَقَ كُلُّهُ، وَلِوِرْثَةِ الْآخَرِ قِيمَةُ الْقَتِيلِ، وَإِنْ خَرَجَ لِلْقَتِيلِ، بَانَ أَنَّهُ قُتِلَ حُرًّا، وَعَلَى قَاتِلِهِ الدِّيَةُ لِوَرَثَتِهِ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ فَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِنْ كَانَ قَاتِلُهُ حُرًّا، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إِنْ جَرَحَكَ أَحَدٌ، فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ، فَجَرَحَهُ حُرٌّ، وَمَاتَ بِالْجِرَاحَةِ، وَجَبَ الْقِصَاصُ ; لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ مُتَعَيِّنَةٌ فِيهِ، وَهُنَا التَّعْيِينُ بِالْقُرْعَةِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَجْهَانِ ; لِأَنَّهُ قَتَلَ مَنِ اعْتَقَدَ رِقَّهُ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَرَفَهُ رَقِيقًا فَبَانَ عَتِيقًا، فَفِي الْقِصَاصِ قَوْلَانِ.

الْخَصِيصَةُ الرَّابِعَةُ: الْقُرْعَةُ، وَفِيهَا طَرَفَانِ: أَحَدُهُمَا فِي مَحَلِّهَا،

الصفحة 138