كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

النَّقْصُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ، وَقَبْلَ الْإِقْرَاعِ، فَهَلْ يُحْسَبُ عَلَى الْوَرَثَةِ؟ قَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ كَانَ الْوَارِثُ مَقْصُورَ الْيَدِ عَنِ التَّرِكَةِ، لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يُحْسَبُ عَلَيْهِ.

الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقُرْعَةِ وَالتَّجْرِبَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا، وَفِيهِ فَصْلَانِ:
الْأَوَّلُ: فِي كَيْفِيَّةِ الْقُرْعَةِ، قَدْ سَبَقَ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّ لِلْقُرْعَةِ طَرِيقَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يُكْتَبَ أَسْمَاءُ الْعَبِيدِ فِي رِقَاعٍ، ثُمَّ يُخْرَجَ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ. وَالثَّانِي: أَنْ يُكْتَبَ فِي الرِّقَاعِ الرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ، وَيُخْرَجَ عَلَى أَسْمَاءِ الْعَبِيدِ، وَذَكَرْنَا أَنَّ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ أَثْبَتَ قَوْلَيْنِ فِي أَنَّهُ يُقْرَعُ بِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ أَمِ الثَّانِي، وَأَنَّ فِي كَوْنِ ذَلِكَ الْخِلَافِ فِي الْجَوَازِ وَالْأَوْلَوِيَّةِ خِلَافًا، وَأَنَّ الْجُمْهُورَ قَالُوا فِي الْعِتْقِ: يَسْلُكُ مَا شَاءَ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَلَفْظُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ أَخْصَرُ.
وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَنْ تَكُونَ الرِّقَاعُ صِغَارًا لِيَكُونَ أَخْفَى، وَأَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةً، وَأَنْ تُدْرَجَ فِي بَنَادِقَ، وَتُجْعَلَ فِي حِجْرِ مِنْ لَمْ يَحْضُرْ هُنَاكَ، كَمَا بَيَّنَّا فِي الْقِسْمَةِ، وَأَنَّهُ يُغَطَّى بِثَوْبٍ، وَيُدْخَلُ مَنْ يُخْرِجُهَا الْيَدَ مِنْ تَحْتِهِ. كُلُّ هَذَا لِيَكُونَ أَبْعَدَ مِنَ التُّهْمَةِ، وَلَا تَتَعَيَّنُ الرِّقَاعُ، بَلْ تَجُوزُ الْقُرْعَةُ بِأَقْلَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ، وَبِالنَّوَى وَالْبَعْرِ، وَذَكَرَ الصَّيْدَلَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْرَعَ بِأَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ، كَدَوَاةٍ وَقَلَمٍ وَحَصَاةٍ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا ; لِأَنَّ الْمُخْرِجَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَظْهَرُ حَيْفُهُ، وَلَا يَجُوزُ الْإِعْرَاضُ عَنْ أَصْلِ الْقُرْعَةِ، وَالتَّمْيِيزُ بِطَرِيقٍ آخَرَ بِأَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّهُ إِنْ طَارَ غُرَابٌ، فَفُلَانٌ حُرٌّ، أَوْ أَنَّ مَنْ وَضَعَ عَلَى صَبِيٍّ يَدَهُ، فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ أَنْ يُرَاجَعَ شَخْصٌ لَا غَرَضَ لَهُ

الصفحة 145