كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ: فَإِنْ كُنَّا نُعْتِقُ عَبْدًا، وَنَرِقُّ آخَرِينَ، وَرَأَيْنَا إِثْبَاتَ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: يَثْبُتُ الرِّقُّ فِي رُقْعَتَيْنِ، وَالْحُرِّيَّةُ فِي رُقْعَةٍ عَلَى نِسْبَةِ الْمَطْلُوبِ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، فَإِنَّ مَا يَكْثُرُ فَهُوَ أَحْرَى بِسَبْقِ الْيَدِ إِلَيْهِ. وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ احْتِيَاطًا، وَقَالَ: يَكْفِي رُقْعَةٌ لِلرِّقِّ وَأُخْرَى لِلْحُرِّيَّةِ، ثُمَّ إِذَا أَخْرَجْنَا رُقْعَةً بِاسْمِ أَحَدِهِمْ، فَخَرَجَتْ لِلْحُرِّيَّةِ، انْفَصَلَ الْأَمْرُ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِلرِّقِّ، احْتَجْنَا إِلَى إِخْرَاجِهَا. قَالَ الْإِمَامُ: إِذَا أَثْبَتْنَا الرِّقَّ وَالْحُرِّيَّةَ، فَقَالَ الْمُخْرِجُ: أُخْرِجُ عَلَى اسْمِ هَذَا، وَنَازَعَهُ الْآخَرُونَ، وَقَالُوا: أَخْرِجْ عَلَى أَسْمَائِنَا، أَوْ أَثْبَتْنَا الْأَسْمَاءَ، وَقَالَ الْمُخْرِجُ: أُخْرِجُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَقَالُوا: أَخْرِجْ عَلَى الرِّقِّ، أَوْ تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ وَالْعَبْدُ، فَقَالَ الْوَرَثَةُ: أَخْرِجْ عَلَى الرِّقِّ، وَقَالَ الْعَبْدُ: عَلَى الْحُرِّيَّةِ، فَهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأَصْحَابُ، وَفِيهِ احْتِمَالَانِ، إِنْ أَثْبَتَ الرِّقَّ وَالْحُرِّيَّةَ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَ الْعَبِيدِ أَوَّلًا حَتَّى يَتَعَيَّنَ مَنْ يُعْرَضُ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِذَا تَعَيَّنَ وَاحِدٌ، أُخْرِجَتْ رُقْعَةٌ عَلَى اسْمِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَثْبُتَ الْحُرِّيَّةُ عَلَى رُقْعَةٍ، وَالرِّقُّ عَلَى رُقْعَتَيْنِ، وَيُعْطِي الْمُخْرِجُ كُلَّ عَبْدٍ رُقْعَةً، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْقِسْمَةِ أَنَّ تَعْيِينَ مَنْ يُبْدَأُ بِهِ مِنَ الشُّرَكَاءِ وَالْأُجَرَاءِ مَنُوطٌ بِنَظَرِ الْقَسَّامِ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُنَاطَ هُنَا بِنَظَرِ مُتَوَلِّي الْإِقْرَاعِ مِنْ قَاضٍ أَوْ وَصِيٍّ، فَيَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى مُضَايَقَاتِهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ إِعْطَاءَ كُلِّ عَبْدٍ رُقْعَةً، لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْإِقْرَاعِ، بَلْ يَكْفِي الْإِخْرَاجُ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ.

الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي كَيْفِيَّةِ تَجْزِئَةِ الْعَبِيدِ، وَهِيَ تَقَعُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمَا، أُقْرِعَ بِإِثْبَاتِ اسْمَيْهِمَا فِي رُقْعَتَيْنِ، وَإِخْرَاجِ أَحَدِهِمَا عَلَى الرِّقِّ أَوِ الْحُرِّيَّةِ، أَوْ بِإِثْبَاتِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فِي رُقْعَتَيْنِ، وَالْإِخْرَاجِ عَلَى اسْمِهِمَا، ثُمَّ إِنِ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ، عَتَقَ ثُلُثَاهُ، وَرَقَّ بَاقِيهِ مَعَ الْآخَرِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا

الصفحة 146