كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

التَّفْصِيلُ إِنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِهِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولُوا بَعْدَ تَفْصِيلِ النِّكَاحِ: وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا، أَوْ وَهِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ، وَالْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ يَكْفِي فِيهِ الْإِطْلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقِرُّ إِلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ، وَقِيلَ: فِي اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إِقْرَارِهَا، لَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَقُولُوا: وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا، وَلِتَكُنِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ إِذَا أَوْجَبْنَا التَّفْصِيلَ فِي الْبَيْعِ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا فِي النِّكَاحِ، وَنَقَلُوا فِي اشْتِرَاطِ تَقْيِيدِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ الْمُدَّعَيَيْنِ بِالصِّحَّةِ وَجْهَيْنِ، وَبِالِاشْتِرَاطِ أَجَابَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَجِيزِ» وَقَالَ فِي «الْوَسِيطِ» : الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِاشْتِرَاطِهِ فِي النِّكَاحِ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْوَجْهَيْنِ مُفَرَّعَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الشَّرَائِطِ، وَإِيرَادُ الْهَرَوِيِّ يَقْتَضِي اطِّرَادَهُمَا مَعَ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ لِيَتَضَمَّنَ ذِكْرُ الصِّحَّةِ نَفْيَ الْمَانِعِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ دَعْوَى النِّكَاحِ تَارَةً تَكُونُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَتَارَةً عَلَى وَلِيِّهَا الْمُجْبَرِ، كَمَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ الْمَرْأَةَ بِشَخْصٍ، وَسَبَقَ هُنَاكَ أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَالُوا: لَوِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ سَبْقَ نِكَاحِهِ، وَعِلْمَ الْمَرْأَةِ بِهِ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ إِقْرَارَهَا بِهِ هَلْ يُقْبَلُ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا عَلَيْهَا، وَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ سُمِعَتْ، وَهَذَا يَقْتَضِي كَوْنَ سَمَاعِ دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَيْهَا أَبَدًا فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ، فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا اقْتِصَارًا عَلَى الْأَظْهَرِ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ إِنِ اقْتَرَنَ بِهَا حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، كَصَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ، وَقَسَمٍ وَمِيرَاثٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، سُمِعَتْ، وَإِنْ تَمَحَّضَتْ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ، سُمِعَتْ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ سُمِعَتْ، نُظِرَ، إِنْ سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَصَرَّ عَلَى السُّكُوتِ، أَقَامَتِ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ، فَهَلْ يَكُونُ إِنْكَارُهُ طَلَاقًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا،

الصفحة 15