كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

الدَّيْنِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ، ثُمَّ يَبْتَدِئَ إِعْتَاقًا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي ظَهَرَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ، فَهَلْ يُبْطِلُ الْقُرْعَةَ مَنْ أَصْلِهَا؟ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، كَمَا لَوِ اقْتَسَمَ شَرِيكَانِ، ثُمَّ ظَهَرَ ثَالِثٌ، فَعَلَى هَذَا يُقْرَعُ الْآنَ لِلدَّيْنِ وَالتَّرِكَةِ وَلَا يُبَالَى بِوُقُوعِ سَهْمِ الدَّيْنِ عَلَى مَنْ وَقَعَتْ لَهُ قُرْعَةُ الْعِتْقِ أَوَّلًا.
وَأَظْهَرُهُمَا: لَا، وَلَكِنْ إِنْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ، نَفَذَ الْعِتْقُ، وَإِلَّا فَيُرَدُّ الْعِتْقُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ نِصْفَ التَّرِكَةِ، رَدَدْنَاهُ فِي نِصْفِ مَنْ أَعْتَقْنَا، وَإِنْ كَانَ ثُلُثَهَا، رَدَدْنَا ثُلُثَهُمْ، فَإِنْ كَانَتِ الْعَبِيدُ سِتَّةً، قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، وَأَعْتَقْنَا اثْنَيْنِ بِالْقُرْعَةِ، فَظَهَرَ دَيْنٌ بِقَدْرِ قِيمَةِ اثْنَيْنِ بِعْنَا مِنَ الْأَرْبَعَةِ اثْنَيْنِ لِلدَّيْنِ كَيْفَ اتَّفَقَ، وَيُقْرَعُ بَيْنَ الْمُعْتَقَيْنِ الْقُرْعَةَ أَوَّلًا بِسَهْمِ رِقٍّ، وَسَهْمِ عِتْقٍ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الرِّقِّ، رَقَّ ثُلُثَاهُ، وَعَتَقَ ثُلُثُهُ مَعَ الْآخَرِ. وَإِنْ ظَهَرَ الدَّيْنُ بِقَدْرِ قِيمَةِ ثَلَاثَةٍ، أُقْرِعَ بَيْنَ اللَّذَيْنِ كَانَ خَرَجَ لَهُمَا الْحُرِّيَّةُ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ الْحُرِّيَّةُ عَتَقَ، وَرَقَّ الْآخَرُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَحَدُكُمْ حُرٌّ، أَوِ اثْنَانِ حُرَّانِ، أَوْ أَعْتَقْتُ أَحَدَكُمْ، فَلَهُ حَالَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْوِيَ مُعَيَّنًا فَيُؤْمَرُ بِبَيَانِهِ، وَيُحْبَسُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ هَذَا، عَتَقَ، وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّكَ أَرَدْتَنِي، وَيُحَلِّفَهُ، وَإِنْ نَكَلَ السَّيِّدُ، حَلَفَ هُوَ وَعَتَقَ. وَلَوْ عَيَّنَ وَاحِدًا، وَقَالَ: أَرَدْتُ هَذَا، بَلْ هَذَا، أُعْتِقَا جَمِيعًا، مُؤَاخَذَةً لَهُ. وَلَوْ قَتَلَ وَاحِدًا مِنْهُمْ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيَانًا، بَلْ يَبْقَى الْأَمْرُ بِالْبَيَانِ. فَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ الْمَقْتُولَ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ. وَلَوْ جَرَى ذَلِكَ فِي إِمَاءٍ، أَوْ أَمَتَيْنِ، ثُمَّ وَطِئَ وَاحِدَةً، لَمْ يَكُنِ الْوَطْءُ بَيَانًا، بَلْ لَوْ بَيَّنَ الْعِتْقَ فِيهَا، تَعَلَّقَ بِهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ لِجَهْلِهَا بِأَنَّهَا مُعْتَقَةٌ. وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، قَامَ وَارِثُهُ

الصفحة 152