كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

مَقَامَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ، وَرُبَّمَا عَلِمَهُ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ، فَإِنْ أَقَمْنَاهُ، فَبَيَّنَ أَحَدُهُمْ، عَتَقَ، وَلِغَيْرِهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ، أَوْ قَالَ الْوَارِثُ: لَا أَعْلَمُ، فَالصَّحِيحُ أَوِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ.
وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ: لَا يُقْرَعُ، بَلْ يُوقَفُ. وَلَوْ قَالَ الْمُعْتِقُ: نَسِيتُ مَنْ أَعْتَقْتُهُ، أُمِرَ بِالتَّذَكُّرِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: يُحْبَسُ عَلَيْهِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ. وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّذَكُّرِ، فَفِي بَيَانِ الْوَارِثِ وَالْقُرْعَةِ الْخِلَافُ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ سَمَّى وَاحِدًا وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ قَالَ نَسِيتُهُ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَنْوِيَ مُعَيَّنًا، فَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ، وَيُوقَفُ عَنْهُمْ، إِلَى أَنْ يُعَيِّنَ، وَيَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا عَيَّنَ أَحَدَهُمْ، عَتَقَ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُنَازِعَ فِيهِ إِنْ وَافَقَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا. وَإِذَا قَالَ: نَوَيْتُ هَذَا، عَتَقَ الْأَوَّلُ، وَلَغَا قَوْلَهُ لِلثَّانِي ; لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ فِي الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: نَوَيْتُ هَذَا، بَلْ هَذَا ; لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ. ثُمَّ الْعِتْقُ فِي الْمُبْهَمِ هَلْ يَحْصُلُ عِنْدَ التَّعْيِينِ، أَمْ يُتَبَيَّنُ حُصُولُهُ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ الْمُبْهَمِ؟ وَجْهَانِ سَبَقَ نَظِيرُهُمَا فِي الطَّلَاقِ، وَخَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَعَيَّنَهُ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ إِنْ قُلْنَا: يَحْصُلُ الْعِتْقُ عِنْدَ التَّعْيِينِ، فَلَا ; لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَقْبَلُ الْعِتْقَ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْإِبْهَامُ بَيْنَ عَبْدَيْنِ، فَإِذَا بَطَلَ التَّعْيِينِ فِي الْمَيِّتِ، تَعَيَّنَ الثَّانِي لِلْعِتْقِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى لَفْظٍ.
وَإِنْ قُلْنَا الْإِبْهَامُ، صَحَّ تَعْيِينُهُ. وَلَوْ جَرَى ذَلِكَ فِي أَمَتَيْنِ أَوْ إِمَاءٍ، فَهَلْ يَكُونُ الْوَطْءُ تَعْيِينًا لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ؟ وَجْهَانِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَكَوْنُهُ تَعْيِينًا هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَإِذَا لَمْ نَجْعَلْهُ تَعْيِينًا، فَعَيَّنَ الْعِتْقَ فِي الْمَوْطُوءَةِ، فَلَا حَدَّ. وَبَنَى الْبَغَوِيُّ حُكْمَ الْمَهْرِ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ عِنْدَ التَّعْيِينِ، أَمْ بِاللَّفْظِ الْمُبْهَمِ؟ إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، لَمْ يَجِبْ، وَإِلَّا وَجَبَ. وَالْوَطْءُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَالْقُبْلَةُ وَاللَّمْسَةُ بِشَهْوَةٍ مُرَتَّبٌ عَلَى الْوَطْءِ إِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْيِينًا، فَهَذَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.
وَالِاسْتِخْدَامُ مُرَتَّبٌ عَلَى

الصفحة 153