كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)
اللَّمْسِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْيِينٍ، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا يُوجِبُ طَرْدَ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، هَلْ يَكُونُ فَسْخًا أَوْ إِجَازَةً؟ وَالْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ كَالِاسْتِخْدَامِ. وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُمْ، أَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ أَوْ أَجَّرَهُ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: فِيهِ الْوَجْهَانِ كَالْوَطْءِ، وَالْإِعْتَاقُ لَيْسَ بِتَعْيِينٍ. ثُمَّ إِنْ عَيَّنَ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ، قُبِلَ، وَإِنْ عَيَّنَ فِي غَيْرِهِ، عَتَقَا. وَقَتْلُ السَّيِّدِ أَحَدَهُمْ لَيْسَ تَعْيِينًا، ثُمَّ إِنْ عَيَّنَ فِي غَيْرِ الْمَقْتُولِ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ عَيَّنَ فِي الْمَقْتُولِ، لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ، لِلشُّبْهَةِ. وَأَمَّا الْمَالُ، فَإِنْ قُلْنَا: الْعِتْقُ يَحْصُلُ عِنْدَ التَّعْيِينِ، لَمْ يَجِبْ، وَإِنْ قُلْنَا: عِنْدَ الْإِبْهَامِ، لَزِمَهُ الدِّيَةُ لِوَرَثَتِهِ.
وَإِنْ قَتَلَ أَجْنَبِيٌّ أَحَدَهُمْ، فَلَا قِصَاصَ إِنْ كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا، ثُمَّ إِنْ عَيَّنَ فِي غَيْرِ الْمَقْتُولِ، لَزِمَهُ الْقِيمَةُ، وَإِنْ عَيَّنَ فِيهِ وَقُلْنَا: الْعِتْقُ يَحْصُلُ عِنْدَ التَّعْيِينِ، فَكَذَلِكَ، كَمَا لَوْ نَذَرَ إِعْتَاقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، فَقُتِلَ. وَإِنْ قُلْنَا: عِنْدَ الْإِبْهَامِ، لَزِمَهُ الدِّيَةُ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ. وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ، فَهَلْ لِلْوَرَثَةِ التَّعْيِينُ؟ قَوْلَانِ، وَيُقَالُ: وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ مَيِّتًا، ثُمَّ حَيًّا، لَمْ يَعْتِقِ الْحَيُّ ; لِأَنَّ الصِّفَةَ انْحَلَّتْ بِوِلَادَةِ الْمَيِّتِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ رَأَيْتُهُ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، فَرَأَى أَحَدَهُمْ مَيِّتًا، انْحَلَّتِ الْيَمِينُ، فَإِذَا رَأَى بَعْدَهُ حَيًّا لَا يَعْتِقُ، وَوَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذَا، وَخَالَفَ الْأَوَّلَ.
قُلْتُ: إِنْ كَانَتْ حَامِلًا حَالَ التَّعْلِيقِ، صَحَّ قَطْعًا، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ حَائِلًا فِي الْأَظْهَرِ وَالْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ وَصَّى بِمَا سَتَحْمِلُ وَالثَّانِي: لَا ; لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ قَبْلَ الْمِلْكِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرَّابِعَةُ: قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ ابْنِي، وَمِثْلُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُ، ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَعَتَقَ إِنْ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ بَالِغًا وَصَدَّقَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ،
الصفحة 154
319