كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

عَتَقَ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ النِّسَبُ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ ابْنَهُ، بِأَنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهُ عَلَى حَدٍّ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ ابْنَهُ، لَغَا قَوْلُهُ، وَلَمْ يَعْتِقْ ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ مُحَالًا. هَذَا فِي مَجْهُولِ النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفَ النِّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَلْحَقْهُ، لَكِنْ يَعْتِقُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِتَضَمُّنِهِ الْإِقْرَارَ بِحُرِّيَّتِهِ. وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ بِنْتِي، قَالَ الْإِمَامُ: الْحُكْمُ فِي حُصُولِ الْفِرَاقِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ كَمَا فِي الْعِتْقِ.

الْخَامِسَةُ: قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَعْتَقْتُ أَحَدَكُمَا عَلَى أَلْفٍ، أَوْ أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ، لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَقْبَلَا، فَإِنْ قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ الْأَلْفَ، عَتَقَ أَحَدُهُمَا، وَلَزِمَ السَّيِّدَ الْبَيَانُ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَقُمِ الْوَارِثُ مَقَامَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ، أُقْرِعَ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، عَتَقَ بِعِوَضٍ. وَفِي ذَلِكَ الْعِوَضِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: قِيمَتُهُ.
وَالثَّانِي: الْمُسَمَّى، قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْعِتْقُ، لَا الْمُعَاوَضَةُ، فَيُحْتَمَلُ إِبْهَامُ الْعِوَضِ تَبَعًا لِلْعِتْقِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا حُرَّةٌ عَلَى أَلْفٍ، فَقَبِلَتَا، ثُمَّ وَطِئَ إِحْدَاهُمَا، فَهَلْ هُوَ اخْتِيَارٌ لِمِلْكِ الْمَوْطُوءَةِ وَيَتَعَيَّنُ الْأُخْرَى لِلْعِتْقِ، وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ.

السَّادِسَةُ: جَارِيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ، زَوَّجَهَا الشَّرِيكَانِ بِابْنِ أَحَدِهِمَا فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ، يَعْتِقُ نِصْفُهُ عَلَى الْجَدِّ، وَلَا يَسْرِي إِلَى النِّصْفِ الْآخَرِ إِذَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ.

السَّابِعَةُ: سَبَقَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ مَنْ نَكَحَ أَمَةً غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا، فَأَوْلَدَهَا، انْعَقَدَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَيَلْزَمُ الْمَغْرُورَ قِيمَتُهُ لِمَالِكِ الْأَمَةِ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجْهًا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ رَقِيقًا، ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَى الْمَغْرُورِ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ. وَأَنَّا إِذَا قُلْنَا: يَنْعَقِدُ حُرًّا فَلَا قِيمَةَ عَلَى الْمَغْرُورِ، وَهُوَ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ. قَالَ الشَّيْخُ: وَفِي الْقَلْبِ مِنْ وُجُوبِ الْقِيمَةِ عَلَى الْمَغْرُورِ

الصفحة 155