كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا عَلَى مَالِكٍ، وَإِنَّمَا مَنَعَ دُخُولَ شَيْءٍ فِي مِلْكِهِ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ يُعْتَدُّ بِهِ، وَأَجْمَعَتِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُتَابَعَتِهِمْ. وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا، فَلَوْ نَكَحَ جَارِيَةَ ابْنِهِ مَغْرُورًا بِحُرِّيَّتِهَا، فَأَوْلَدَهَا، فَهَلْ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا ; لِأَنَّهُ إِنِ انْعَقَدَ حُرًّا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ، وَإِنِ انْعَقَدَ رَقِيقًا، عَتَقَ عَلَى الْجَدِّ بِالْقَرَابَةِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ بِظَنِّ الْحُرِّيَّةِ عَلَى الْأَبِ رِقًّا يَنْتَفِعُ بِهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ. وَإِنْ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحَالِ، مَلَكَهُ الْجَدُّ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: يَنْعَقِدُ حُرًّا.

فُرُوعٌ
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ:
شَهِدَا أَنَّهُ قَالَ: أَحَدُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ حُرٌّ، أَوْ أَنَّهُ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ أَحَدِهِمَا، أَوْ أَنَّهُ قَالَ: إِحْدَى هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ طَالِقٌ، يُقْبَلُ، وَيُحْكَمُ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ وَلَدَتِ الْمَزْنِيُّ بِهَا وَلَدًا، وَمَلَكَهُ الزَّانِي لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَعْتِقُ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ كَيْفَ شِئْتَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَعْتِقُ فِي الْحَالِ، وَقَالَ صَاحِبَاهُ: لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَشَاءَ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ.
وَلَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ، لَزِمَ الْوَارِثَ إِعْتَاقُهُ، فَإِنِ امْتَنَعَ، أَعْتَقَهُ السُّلْطَانُ. وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ مُقَيَّدٌ، فَحَلَفَ بِعِتْقِهِ أَنَّ فِي قَيْدِهِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ، وَحَلَفَ بِعِتْقِهِ لَا يُحِلُّهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ، فَشَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي شَاهِدَانِ أَنَّ قَيْدَهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ، وَحَكَمَ الْقَاضِي بِعِتْقِهِ، ثُمَّ حَلَّ الْقَيْدَ فَوَجَدَ فِيهِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لَا شَيْءَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ

الصفحة 156