كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)
لَمْ يُخْلِفْ سِوَى الْعَبْدِ، قَالَ: وَكُنْتُ أَرَى الْأَمْرَ كَذَلِكَ، فَالدَّيْنُ لَا يَتَحَوَّلُ إِلَى ذِمَّةِ الْوَارِثِ قَطُّ، لَكِنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ مُتْلِفٌ لِلْعَبْدِ، فَعَلَيْهِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الدَّيْنِ، وَقِيمَةِ الْعَبْدِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، فَإِذَا أَدَّى الْوَارِثُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ، تَبَيَّنَ نُفُوذُ الْعِتْقِ، وَإِلَّا بِيعَ الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ، وَبَانَ أَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَنْفُذْ. وَلَوْ بَاعَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، فَفِيهِ أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: لَا يَنْفُذُ كَالْمَرْهُونِ، وَالثَّانِي: يَنْفُذُ، وَالثَّالِثُ: مَوْقُوفٌ، كَالْعِتْقِ.
قَالَ الْإِمَامُ وَيَجِيءُ مِمَّا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلٌ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْوَارِثِ التَّرِكَةَ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا كَالْجَانِي. قَالَ: وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ أَنَّ الثَّمَنَ يُصْرَفُ إِلَى الْغُرَمَاءِ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ دَفَعَ الثَّمَنَ إِلَى الْوَارِثِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ، كَانَ لِلْغُرَمَاءِ تَغْرِيمُ الْمُشْتَرِي. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُمْ لَا يُطَالِبُونَ الْمُشْتَرِيَ. وَأَنَّا إِذَا صَحَّحْنَا الْبَيْعَ، كَانَ كَالْإِعْتَاقِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلُزُومُ الْبَيْعِ بَعِيدٌ، فَإِنَّ بَيْعَ الْجَانِي وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ، لَا يَلْزَمُ، مَعَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِهِ أَضْعَفُ، فَبَيْعُ الْوَارِثِ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَلْزَمَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، فَإِنْ قُلْنَا: يَمْنَعُهُ، فَالتَّرِكَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ، فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ لِلْوَارِثِ بِحَالٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ نُفُوذُ الْعِتْقِ مِنَ الْوَارِثِ الْمُوسِرِ، وَمَنْعُ الْبَيْعِ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: ذَكَرْنَا فِي النِّكَاحِ أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، فَلَهَا الْخِيَارُ، فَإِنْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ، وَعَلَى السَّيِّدِ رَدُّهُ إِنْ كَانَ قَبَضَهُ.
إِذَا تَقَرَّرَ الْفَصْلَانِ، فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ فِي فَرْعِ ابْنِ الْحَدَّادِ.
الصفحة 158
319