كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ طَلَاقٌ سَقَطَ مَا ادَّعَتْهُ، وَلَهَا أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَلَوْ رَجَعَ عَنِ الْإِنْكَارِ، وَقَالَ: غَلِطْتُ فِي الْإِنْكَارِ، لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ إِنْكَارُهُ طَلَاقًا، فَإِنْكَارُهُ كَسُكُوتِهِ، فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَجَعَ قَبِلْنَا رُجُوعَهُ، وَسَلَّمْنَا الزَّوْجَةَ إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَحَلَفَ الرَّجُلُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا وَأَرْبَعًا سِوَاهَا، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ إِذَا لَمْ نَجْعَلِ الْإِنْكَارَ طَلَاقًا. وَإِنِ انْدَفَعَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا حَتَّى يُطَلِّقَهَا أَوْ يَمُوتَ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: أَوْ يُفْسَخُ بِإِعْسَارِهِ، أَوِ امْتِنَاعِهِ إِذَا جَعَلْنَا الِامْتِنَاعَ مَعَ الْقُدْرَةِ مُمْكِنًا مِنَ الْفَسْخِ وَلِيَكُنْ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ بِنَفْسِهَا، أَمَّا إِذَا أَحْوَجْنَاهَا إِلَى الرَّفْعِ إِلَى الْقَاضِي، فَمَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ النِّكَاحُ كَيْفَ يَفْسَخُ أَوْ يَأْذَنُ فِي الْفَسْخِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفِقَ الْحَاكِمُ بِهِ حَتَّى يَقُولَ: إِنْ كُنْتُ نَكَحْتُهَا، فَهِيَ طَالِقٌ، لِيُحِلَّ لَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ نَكَلَ الرَّجُلُ، حَلَفَتْ هِيَ، وَاسْتَحَقَّتِ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ.
فَرْعٌ
امْرَأَةٌ تَحْتَ رَجُلٍ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَيْهَا لَا عَلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، فَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، لَمْ يُقَدِّمْ بَيِّنَةَ مَنْ هِيَ تَحْتَهُ، بَلْ هِيَ كَاثْنَيْنِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى نِكَاحِ خَلِيَّةٍ، فَيُنْظَرُ إِنْ كَانَتَا مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ، أَوْ مُطَلَّقَتَيْنِ، فَقَدْ تَعَارَضَتَا وَلَا يَجِيءُ قَوْلَا الْقِسْمَةِ وَالْقُرْعَةِ، وَإِنْ كَانَتَا مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، قُدِّمَتِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي سَبَقَ تَارِيخُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ هَذَا التَّعَارُضُ فِي مَالٍ، فَإِنَّ فِي التَّرْجِيحِ بِالسَّبْقِ قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ فِي الْأَمْوَالِ غَالِبٌ دُونَ النِّكَاحِ. وَلَوْ

الصفحة 16