كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

تَلْزَمُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَلَهَا لَوْ حَابَى الْمَرِيضَ وَلَمْ يَقْبِضْ، ثُمَّ أَرَادَ إِبْطَالَهَا، لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ، فَالْجَوَابُ نُفُوذُ الْمُحَابَاةِ، وَبُطْلَانُ الْعِتْقِ، لِتَقَدُّمِهَا، قَالُوا: وَقَوْلُهُ: يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَقْنَعَ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، غَلَطٌ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ إِلَّا بِالزِّيَادَةِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُنَفِّذَ الْبَيْعَ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ وَيُنَفِّذَ الْعِتْقَ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيَبْطُلَ الْعِتْقُ.
فَرْعٌ
جَارِيَةٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ حَامِلٌ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا، عَتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْحَمْلِ وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ وَضَعَتْهُ لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ، وَهُوَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَهُوَ حُرٌّ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالسِّرَايَةِ، وَعَلَى الْمُعْتِقِ قِيمَةُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، فَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةٍ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي غِرَّةٌ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ ; لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، وَعَلَى الْمُعْتِقِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ لِلشَّرِيكِ. هَكَذَا أَطْلَقَ ابْنُ الْحَدَّادِ، فَقَالَ الْقَفَّالُ: إِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُعْتِقَ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَةِ الْغِرَّةِ، فَإِنْ زَادَ، لَمْ يَلْزَمْ إِلَّا نِصْفُ قِيمَةِ الْغِرَّةِ، وَرَأَى الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْأَخْذَ بِالْإِطْلَاقِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ بَالِغًا مَا بَلَغَ ; لِأَنَّ انْفِصَالَهُ مَضْمُونًا كَانْفِصَالِهِ حَيًّا ; لِأَنَّ الْغِرَّةَ تُصْرَفُ إِلَى الْوَارِثِ وَقَدْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُعْتِقُ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا كَانَ يَجِبُ رِعَايَةُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْغُرْمَيْنِ، أَنْ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ لِلْمُعْتِقِ، قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا كُلُّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ، فَإِنْ

الصفحة 168