كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

أَوَّلًا لِأَحَدِ الِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ أَقَرَّ بِإِعْتَاقِهِمَا، عَتَقَ، وَرَقَّ الْآخَرَانِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

الْخَصِيصَةُ الْخَامِسَةُ: الْوَلَاءُ، وَفِيهِ طَرَفَانِ.
الْأَوَّلُ: فِي سَبَبِهِ، وَهُوَ زَوَالُ الْمِلْكِ عَنْ رَقِيقٍ بِالْحُرِّيَّةِ، فَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا تَنْجِيزًا، أَوْ بِصِفَةٍ، أَوْ دَبَّرَهُ، أَوِ اسْتَوْلَدَهَا، فَعَتَقَا بِمَوْتِهِ، أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِأَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، أَوِ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا، أَوِ الْتَمَسَ مِنْ مَالِكِ عَبْدٍ عِتْقَهُ عَلَى مَالٍ، فَأَجَابَهُ، أَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مُشْتَرَكٍ، وَسَرَى، أَوْ مَلَكَ قَرِيبَهُ فَعَتَقَ عَلَيْهِ، ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ.
وَلَوْ بَاعَ عَبْدَ نَفْسِهِ، فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ دَيْنُهُمَا أَوِ اخْتَلَفَ. فَلَوْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ كَافِرًا أَوْ عَكْسُهُ، ثَبَتَ الْوَلَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا، كَمَا تَثْبُتُ عَلَقَةُ النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ الْوَلَاءُ مُخْتَصٌّ بِالْإِعْتَاقِ، فَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ إِنْسَانٌ فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَقَعَ الْعِتْقُ عَنِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ، وَلَهُ الْوَلَاءُ دُونَ الْمُعْتِقِ. وَالْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا هِبَتُهُ، وَلَا يُوَرَّثُ، لَكِنْ يُوَرَّثُ بِهِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَلَى أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ سَائِبَةً، لَغَا الشَّرْطُ، وَثَبَتَ الْوَلَاءُ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ وَلَاءَهُ لِفُلَانٍ أَوْ لِلْمُسْلِمِينَ، لَغَا، وَلَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ عَنْهُ، كَمَا لَا يَنْتَقِلُ النَّسَبُ، وَلَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْمُوَالَاةِ وَالْحِلْفِ، كَمَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِذَلِكَ، وَكَمَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَى الْمُعْتَقِ، يَثْبُتُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَحْفَادِهِ، وَعَلَى عَتِيقِهِ وَعَتِيقِ عَتِيقِهِ، وَكَمَا يَثْبُتُ لِلْمُعْتِقِ يَثْبُتُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَسَائِرِ الْأُصُولِ، وَلِمُعْتِقِ الْمُعْتِقِ، وَكَمَا يَثْبُتُ عَلَى وَلَدِهِ الْعَتِيقِ، يَثْبُتُ عَلَى وَلَدِ الْعَتِيقَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنِ اسْتِرْسَالِ الْوَلَاءِ عَلَى أَوْلَادِ

الصفحة 170