كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)
فَأُعْتِقَ الْأَبُ بَعْدَ عِتْقِ هَؤُلَاءِ، انْجَرَّ إِلَى مَوْلَاهُ، وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. وَدَلِيلُهُ أَنَّ جِهَةَ الْأُبُوَّةِ أَقْوَى، وَحَيْثُ أَثْبَتْنَا الْوَلَاءَ لِمَوْلَى الْأُمِّ، فَمَاتَ الْوَلَدُ، أَخَذَ مِيرَاثَهُ، فَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مَوْلَاهُ، بَلِ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْمَوْتِ، وَلَيْسَ مَعْنَى الِانْجِرَارِ أَنْ يُحْكَمَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لَمْ يَزَلْ فِي جَانِبِ الْأَبِ، بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ مِنْ وَقْتِ عِتْقِ الْأَبِ عَنْ مَوْلَى الْأُمِّ، وَإِذَا انْجَرَّ إِلَى مَوَالِي الْأَبِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، لَمْ يَعُدْ إِلَى مَوَالِي الْأُمِّ، بَلْ يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَا إِذَا ثَبَتَ الْوَلَاءُ لِمَوَالِي الْأَبِ فَهَلَكُوا، لَمْ يَصِرْ لِمَوَالِي الْجَدِّ، حَتَّى لَوْ مَاتَ مَنِ انْتَقَلَ وَلَاؤُهُ مِنْ مَوَالِي أَبِيهِ إِلَى مَوَالِي جَدِّهِ حِينَئِذٍ فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
فَرْعٌ
أَعْتَقَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ بِعَتِيقٍ، فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ، فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ، لَا لِمُعْتِقِ الْأَبِ، لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وَجُودَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ، فَمُعْتِقُهُ بَاشَرَ إِعْتَاقَهُ بِإِعْتَاقِهَا، وَوَلَاءُ الْمُبَاشَرَةِ مُقَدَّمٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ يَفْتَرِشُهَا، فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ وُجُودَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَالِافْتِرَاشُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِلْحُدُوثِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَفْتَرِشُهَا، وَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مِنَ الْإِعْتَاقِ، فَذَلِكَ. وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لِمُعْتِقِ الْأُمِّ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُزَوَّجَةَ بِرَقِيقٍ، فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْإِعْتَاقِ، فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ بِالْمُبَاشَرَةِ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْأَبُ الْأَبَ، لَمْ يَنْجَرَّ الْوَلَاءُ إِلَى مُعْتِقِ الْأَبِ مِنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ مُبَاشَرَةً. وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، قَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ لَمْ يُفَارِقْهَا الزَّوْجُ،
الصفحة 173
319