كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ، فَإِذَا أُعْتِقَ الْأَبُ، انْجَرَّ إِلَى مَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ فَارَقَهَا، فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْفِرَاقِ، فَالْوَلَدُ مَنْفِيٌّ عَنِ الزَّوْجِ، وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ أَبَدًا، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ، لَحِقَ الزَّوْجَ، وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ، فَإِذَا أُعْتِقَ الْأَبُ، فَفِي الِانْجِرَارِ إِلَى مَوْلَاهُ قَوْلَانِ.
وَلَوْ نَفَى الزَّوْجُ الْمُعْتَقُ وَلَدَ زَوْجَتِهِ الْمُعْتَقَةِ بِلِعَانٍ، فَالْوَلَاءُ فِي الظَّاهِرِ لِمَوْلَى الْأُمِّ، فَإِنْ كَذَّبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ، لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَحَكَمْنَا بِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَوْلَاهُ. فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ مَاتَ بَعْدَ اللِّعَانِ، وَدَفَعْنَا الْمِيرَاثَ إِلَى مَوْلَى الْأُمِّ، اسْتَرْدَدْنَاهُ مِنْهُ بَعْدَ الِاسْتِلْحَاقِ، لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلَاءٌ. وَلَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ فَنَكَحَهَا وَأَوْلَدَهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا حُرَّةٌ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا أَمَةٌ، فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا آخَرَ، فَالْوَلَدُ الْأَوَّلُ حُرٌّ، وَالثَّانِي رَقِيقٌ. فَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ، وَالْوَلَدَ الثَّانِيَ، ثُمَّ عَتَقَ الْأَبُ، انْجَرَّ وَلَاءُ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ إِلَى مُعْتِقِ الْأَبِ، وَلَمْ يَنْجَرَّ إِلَيْهِ وَلَاءُ الثَّانِي، لِأَنَّهُ عَتَقَ بِالْمُبَاشَرَةِ. وَلَوْ نَكَحَهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَوْلَدَهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ، وَأَوْلَدَهَا وَلَدًا آخَرَ، فَالثَّانِي حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ، وَالْأَوَّلُ مَمْلُوكٌ، وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ.

الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْوَلَاءِ وَهُوَ إِحْدَى جِهَاتِ الْعُصُوبَةِ، وَمَنْ يَرِثُ بِهِ، لَا يَرِثُ إِلَّا بِالْعُصُوبَةِ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: الْإِرْثُ، وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ، وَتَحَمُّلُ الدِّيَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي مَوَاضِعِهَا.
قُلْتُ: وَرَابِعٌ، وَهُوَ التَّقَدُّمُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَإِذَا مَاتَ الْعَتِيقُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ بِنَسَبٍ وَلَا نِكَاحٍ، وَرِثَ مُعْتِقُهُ جَمِيعَ مَالِهِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِيَّةِ، وَفَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ، أَخَذَهُ الْمُعْتِقُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُعْتِقُ

الصفحة 174