كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)
أَبِيهِ، فَهِيَ مُعْتِقَةُ نِصْفِ أَبِي مُعْتِقِ مُعْتِقِهِ. وَالرُّبُعُ الْبَاقِي فِي الصُّورَتَيْنِ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ، وَلَمْ يُخَلِّفْ إِلَّا الْبِنْتَ، فَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَجِيزِ» : لَهَا النِّصْفُ بِالْبُنُوَّةِ، وَنِصْفُ الْبَاقِي لِوَلَائِهَا عَلَى نِصْفِ الْأَبِ وَلَمْ يَذْكُرِ الصُّورَةَ فِي «الْوَسِيطِ» وَلَا فِي «النِّهَايَةِ» وَمَفْهُومُهُ انْحِصَارُ حَقِّهَا فِي النِّصْفِ وَالرُّبُعِ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو خَلَفٍ السَّلْمِيُّ، فِي صُورَةٍ أُخْرَى - يُنَازِعُ فِي هَذَا، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوِ اشْتَرَتْ أُخْتَانِ أَبَاهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ، وَالْبَاقِي بِالْوَلَاءِ.
وَلَوْ مَاتَتْ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ، فَلِلْأُخْرَى النِّصْفُ بِالْأُخُوَّةِ، وَنِصْفُ الْبَاقِي بِوَلَائِهِمَا عَلَى نِصْفِ الْأُخْتِ، بِإِعْتَاقِهَا نِصْفَ أَبِيهَا. وَأَمَّا الرُّبُعُ، فَأَطْلَقَ الْبَغَوِيُّ أَنَّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلْيُحْمَلْ ذَلِكَ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ أُمُّهَا حُرَّةً أَصْلِيَّةً، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مُعْتَقَةً، فَلِمَوَالِي الْأُمِّ وَلَاءُ الْأُخْتَيْنِ، فَإِذَا أَعْتَقْنَا الْأَبَ، جَرَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ وَلَاءِ أُخْتِهَا إِلَى نَفْسِهَا، وَهَلْ تَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهَا وَتَسْقُطُ، أَمْ يَبْقَى لِمَوَالِي الْأُمِّ؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ، فَإِنْ قُلْنَا: تَبْقَى هِيَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَالرُّبُعُ الْبَاقِي لِمَوَالِي الْأُمِّ، وَإِنْ قُلْنَا: يَجُرُّ وَيَسْقُطُ، فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَلَوْ مَاتَتْ إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَخَلَّفَتِ الْأُخْرَى، فَلَهَا سَبْعَةُ أَثْمَانِ مَالِهِ، وَالنِّصْفُ بِالْبُنُوَّةِ، وَالرُّبُعُ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةُ نِصْفِهِ، وَنِصْفُ الرُّبُعِ الْبَاقِي ; لِأَنَّ لَهَا نِصْفَ وَلَاءِ الْأُخْتِ بِإِعْتَاقِهَا نِصْفَ أَبِيهَا، وَالثُّمُنُ الْبَاقِي لِمَوَالِي الْأُمِّ إِنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ نِصْفَ وَلَاءِ الْمَيِّتَةِ يَبْقَى لَهَا.
وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَبْقَى، فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ كَالصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ. وَلَوِ اشْتَرَتَا الْأَبَ، وَعَتَقَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا وَمَاتَ الْعَتِيقُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَخَلَّفَ الْبِنْتَيْنِ، فَجَمِيعُ الْمَالِ لَهُمَا، لِأَنَّهُمَا مُعْتِقَتَا مُعْتِقِهِ.
الصفحة 178
319