كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

بَالِغٍ، بُنِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْحَجْرِ أَنَّ إِنْبَاتَ الْعَانَةِ نَفْسُ الْبُلُوغِ أَمْ عَلَامَتُهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَلَا حَاصِلَ لِكَلَامِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَالْمَنْصُوصُ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَهُوَ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَدَّعِي الصَّبِيَّ، وَتَحْلِيفُ مَنْ يَدَّعِي الصَّبِيَّ لَا وَجْهَ لَهُ، كَمَا سَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَالْقَفَّالُ: هَذَا التَّحْلِيفُ احْتِيَاطٌ وَاسْتِظْهَارٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ، وَنَفَى الْخِلَافَ فِيهِ، وَاعْتَمَدُوا فِي تَحْلِيفِهِ الْإِنْبَاتَ، وَقَالُوا: كَيْفَ نَتْرُكُ الدَّلِيلَ الظَّاهِرَ بِزَعْمٍ مُجَرَّدٍ؟ فَإِذَا حَلَفَ أُلْحِقَ بِالصِّبْيَانِ، وَحُقِنَ دَمُهُ، وَإِنْ نَكَلَ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُقْتَلُ، وَالثَّانِي: يُخَلَّى، وَالثَّالِثُ: يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَالرَّابِعُ: يُحْبَسُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ بُلُوغُهُ، ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنَ الِاسْتِعْجَالِ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَتَلْنَاهُ.
الرَّابِعَةُ: ادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ، أَوْ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ، وَلِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ، فَأَنْكَرَ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَصِيِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، لَمْ يُمْكِنْ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ أَنْ يُقِرَّ، وَالْوَصِيُّ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ، فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ، فَلَوْ كَانَ وَارِثًا حَلَفَ بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ، وَقَيِّمُ الْقَاضِي كَالْوَصِيِّ.
فَرْعٌ
عَلَى إِنْسَانٍ حَقٌّ لِرَجُلٍ، فَطَلَبَهُ بِهِ رَجُلٌ، وَزَعَمَ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُسْتَحِقِّ، وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً، وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتَرَفَ بِالْوَكَالَةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الْحَقِّ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَسَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ، وَعَلَى هَذَا لَهُ تَحْلِيفُهُ، وَإِنَّ

الصفحة 39