كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

الثَّالِثَةُ: وَلَدُ الْمُرْتَزِقَةِ إِذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ، وَطَلَبَ إِثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُصَدِّقُهُ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ كَاذِبًا، فَكَيْفَ نُحَلِّفُهُ وَهُوَ صَبِيٌّ؟ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا وَجَبَ تَصْدِيقُهُ، وَأَصَحُّهُمَا: يَحْلِفُ عِنْدَ التُّهْمَةِ، فَإِنْ نَكَلَ، لَمْ يَثْبُتِ اسْمُهُ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ بُلُوغُهُ، وَيَقْرُبَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مِنَ الْمُرَاهِقِينَ إِذَا ادَّعَى الِاحْتِلَامَ، وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتِلَةِ، أُعْطِيَ إِنْ حَلَفَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُعْطَى، ثُمَّ قِيلَ: هُوَ إِعْطَاءٌ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ احْتِلَامَهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْهُ، فَصُدِّقَ فِيهِ، كَمَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي الْحَيْضِ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ شُهُودَ الْوَقْعَةِ تَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَهُمُ السَّهْمَ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا يُعْطَى، قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: وَهُوَ قَضَاءٌ بِالنُّكُولِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا لَمْ يُعْطَ؛ لِأَنَّ حُجَّتَهُ فِي الْإِعْطَاءِ الْيَمِينُ وَلَمْ تُوجَدْ.
الرَّابِعَةُ: مَاتَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، فَادَّعَى الْقَاضِي، أَوْ مَنْصُوبُهُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَجَدَهُ فِي تَذْكِرَتِهِ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ، فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَالُ، أَمْ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ، أَوْ يَحْلِفَ، أَمْ يُتْرَكُ لَكِنْ يَأْثَمُ إِنْ كَانَ مُعَانِدًا؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَيَجْرِي فِيمَا لَوِ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ مَيِّتٍ عَلَى وَارِثِهِ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْفُقَرَاءِ، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ، وَنَكَلَ. وَلَوِ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ، فَفِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْجُهٌ، أَحَدُهُمَا: تُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ إِثْبَاتَ الْحَقِّ لِغَيْرِ الْحَالِفِ بِعِيدٌ. وَالثَّالِثُ: إِنِ ادَّعَى ثُبُوتَهُ بِسَبَبٍ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ رُدَّتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَأُجْرِيَ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا هَلْ يَحْلِفُ مَعَهُ، وَفِيمَا لَوِ ادُّعِيَ عَلَى الْوَلِيِّ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ

الصفحة 49