كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

الصَّبِيِّ هَلْ يَحْلِفُ الْوَلِيُّ إِذَا أَنْكَرَ. وَالْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فِي ذَلِكَ كَالْوَلِيِّ، وَيَجْرِي فِي قَيِّمِ الْمَسْجِدِ وَالْوَقْفِ إِذَا ادَّعَى لِلْمَسْجِدِ أَوْ لِلْوَقْفِ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَنَكَلَ. وَتَحْلِيفُ الْوَلِيِّ وَالصَّبِيِّ سَبَقَ لَهُمَا ذِكْرٌ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ، ثُمَّ مَيْلُ الْأَكْثَرِينَ إِلَى تَرْجِيحِ الْمَنْعِ مِنَ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا بَأْسَ بِوَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَقَدْ رَجَّحَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ، وَبِهِ أَجَابَ السَّرَخْسِيُّ فِي «الْأَمَالِي» ، فَإِنْ مَنَعْنَا رَدَّ الْيَمِينِ إِلَى الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ، انْتَظَرْنَا بُلُوغَ الصَّبِيِّ، وَإِفَاقَةَ الْمَجْنُونِ، وَكَتَبَ الْقَاضِي الْمَحْضَرَ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَصِيرُ الْيَمِينُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْبُلُوغِ، وَالْإِفَاقَةِ، وَيَعُودُ فِي قَيِّمِ الْمَسْجِدِ وَالْوَقْفِ الْوَجْهَانِ فِي أَنَّهُ يُقْضَى بِالنُّكُولِ، أَمْ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَالْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَنْ لَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ، بَلْ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا فِيمَا قَبْلَهَا مِنَ الصُّوَرِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ أَصْلٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ. وَلَوِ ادَّعَى قَيِّمُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، حَلَفَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالِ، وَلَكِنْ لَا يَقُولُ إِلَيَّ، وَقَيِّمُهُ يَقُولُ فِي الدَّعْوَى: يَلْزَمُكَ تَسْلِيمُهُ إِلَيَّ.
الْخَامِسَةُ: لِلْقَاذِفِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ كَمَا سَبَقَ، فَإِنْ نَكَلَ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْقَاذِفِ، فَإِنْ حَلَفَ انْدَفَعَ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِنُكُولِهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَلَا يُرَدُّ الْيَمِينُ، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ.

الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ
أَمَّا صِفَةُ الشُّهُودِ، فَسَبَقَ بَيَانُهَا فِي الشَّهَادَاتِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ حُكْمِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَتَعَارُضُهُمَا قَدْ يَقَعُ فِي الْأَمْلَاكِ، وَقَدْ يَقَعُ فِي غَيْرِهَا، كَالْعُقُودِ، وَالْمَوْتِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَيَشْتَمِلُ الْبَابُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ:

الصفحة 50