كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا، وَتَعَرَّضَ شُهُودُهُ لِلْكُلِّ، لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ يَدٍ فِي النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَقُلْنَا: بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ لَا تُسْمَعُ ابْتِدَاءً كَمَا سَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ هُنَا غَيْرُ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْبَيِّنَةِ لِلنِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، ثُمَّ إِذَا أَقَامَ الثَّانِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ سُمِعَتْ، وَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَتُهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ، فَيَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إِلَى إِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ لِلنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَقَالَ فِي «الْوَسِيطِ» : لَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَسَاهَلَ فِي الْإِعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ دُونَ الْآخَرِ، قُضِيَ لَهُ بِالْكُلِّ، سَوَاءٌ شَهِدَ شُهُودُهُ بِالْكُلِّ، أَمْ بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مُدَّعٍ فِي نِصْفٍ، وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي نِصْفٍ، فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ، وَلَا يَتَعَرَّضُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي يَمِينِهِ، لِإِثْبَاتِ مَا فِي يَدِهِ، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِيمَا فِي يَدِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَمِنْهُ خِلَافٌ سَبَقَ فِي بَابِ التَّحَالُفِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا تُرِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِمَا كَمَا كَانَ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، قَضَى لِلْحَالِفِ بِالْكُلِّ، ثُمَّ إِنْ حَلَفَ الَّذِي بَدَأَ الْقَاضِي بِتَحْلِيفِهِ، وَنَكَلَ الْآخَرُ بَعْدَهُ، حَلَفَ الْأَوَّلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ. وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ، وَرَغِبَ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ، فَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ، وَيَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ، فَهَلْ يَكْفِيهِ الْآنَ يَمِينٌ وَاحِدٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ لِلنَّفْيِ، وَأُخْرَى لِلْإِثْبَاتِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ، وَلَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِيهِ، أَوْ يَقُولُ: لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي.

الصفحة 53