كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 12)

بَيِّنَتَيْنِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ إِلَى الْإِسْلَامِ فِي شَعْبَانَ، وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ فِي شَوَّالٍ، فَمَعَ الْأُولَى زِيَادَةُ عِلْمٍ.
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى تَارِيخِ إِسْلَامِ الْمُسْلِمِ، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ، وَلَكِنِ ادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّ الْأَبَ مَاتَ فِي شَعْبَانَ. وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ، صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهَا تَنْقِلُ مِنَ الْحَيَاةِ إِلَى الْمَوْتِ فِي شَعْبَانَ، وَالْأُخْرَى تَسْتَصْحِبُ الْحَيَاةَ إِلَى شَوَّالٍ. وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُمْ عَايَنُوهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنْهُ كَلِمَةَ التَّنَصُّرِ فِي نِصْفِ شَوَّالٍ مَثَلًا تَعَارَضَتَا.
فَرْعٌ
مَاتَ مُسْلِمٌ وَلَهُ ابْنَانِ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ بِالِاتِّفَاقِ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَسْلَمْتُ أَيْضًا قَبْلَهُ. وَقَالَ الْمُتَّفَقُ عَلَى إِسْلَامِهِ: بَلْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَعَلَى الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ أَوِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْأَبَ مَاتَ فِي رَمَضَانَ. وَقَالَ قَدِيمُ الْإِسْلَامِ لِحَادِثِ الْإِسْلَامِ: أَسْلَمْتَ فِي شَوَّالٍ. وَقَالَ الْحَادِثُ: بَلْ أَسْلَمْتُ فِي شَعْبَانَ، صُدِّقَ قَدِيمُ الْإِسْلَامِ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْحَادِثِ. وَإِنِ اتَّفَقَا أَنَّ الْحَادِثَ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ، وَقَالَ قَدِيمُ الْإِسْلَامِ: مَاتَ الْأَبُ فِي شَعْبَانَ. وَقَالَ الْحَادِثُ: بَلْ فِي شَوَّالٍ، فَالْمُصَدَّقُ الْحَادِثُ، وَالْمُقَدَّمُ بَيِّنَةُ قَدِيمِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى هَذَا يُقَاسُ نَظَائِرُ الصُّورَةِ الْأُولَى، وَصُورَةُ الْفَرْعِ بِأَنْ مَاتَ الْأَبُ حُرًّا، وَأَحَدُ ابْنَيْهِ حُرًّا بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتَلَفَا هَلْ عَتَقَ الْآخَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَمْ بَعْدَهُ. وَلَوِ اتَّفَقَا فِي صُورَةِ الْفَرْعِ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا. وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ أَزَلْ مُسْلِمًا أَيْضًا، وَنَازَعَهُ الْأَوَّلُ، فَقَالَ: كُنْتَ نَصْرَانِيًّا، وَإِنَّمَا أَسْلَمْتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ يَشْهَدُ

الصفحة 79