كتاب أحاديث في الفتن والحوادث (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الجزء الحادي عشر)

يَتْرُكُون الْمدينةَ علَى خَيْرٍ مَا كانت، لا يَغْشَاهَا إلاّ العوافي1 – يريد عوافي السِّباع والطّير- يَخرج2 راعيان من مزينة، يريدان الْمدينة. يَنعَقَان3 بغنمها، فيجدانِها
__________
1 "لا يغشاها إلاّ العوافي"، العوافي، جمع عافية، وهي التي تطلب أقواتها، ويقال للذّكر: عاف.
قال ابن الجوزي: "اجتمع في العوافي شيئان:
أحدهما: أنّها طالبة لأقواتها من قولك: عفوت فلاناً أعفوه فأنا عاف والجمع: عفاة، أي: أثبت أطلب معروفه.
والثّاني: من العفاء، وهو الموضع الخالي الذي لا أنيس به، فإنّ الطّير والوحش تقصده لأمنها على نفسها فيه. شرح الفتح.
2 في صحيح مسلم: "ثم يخرج"، بزيادة: ثم
وأمّا معنى الحديث: فالظّاهر المختار: أنّ هذا التّرك للمدينة يكون في آخر الزّمان عند قيام السّاعة، وتوضّحه قصة الرّاعيين من مزينة، فإنّهما يخران على وجوههما حين تدركهما السّاعة.
وهما آخر مَن يحشر، كما ثبت في صحيح البخاري، وقد وقع عند مسلم بلفظ: "ثم يحشر راعيان".
3 "ينعقان"، أي: يصيحان بغنمهما، فالنّعيق زجر الغنم.

الصفحة 226