كتاب أحاديث في الفتن والحوادث (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الجزء الحادي عشر)

"إنّهُ لَم يَكُن نَبِيٌّ إلاّ وقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدّجّال، ألا وإنّه أعور الْعَيْن الشَّمَالِ. وبِالْيُمْنَى ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ1، بَيْنَ عَيْنِيْهِ كَافِرٌ ... "، الحديث.
(183) ولأبِي داود2، في سننه، عن عبادة بن الصّامت: إنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم- قال:
"إنِّي كُنْتُ حدَّثْتُكم3 عن الْمسيح الدّجّال؛ حتّى خشيتُ ألا تَعْقِلُوا4. إِنَّ الْمسيحَ5 الدَّجَّالَ قَصِيْرٌ6 أَفْحَجُ، جَعدٌ أَعْوَرُ،
__________
1 "ظفرة غليظة"، هي بفتح الظّاء والفاء: لَحْمةٌ تنبت عند المآقي، وقد تمتد إلى السّواد فَتُغْشِيه.
2 عون المعبود بشرح سنن أبي داود، ج 11، كتاب الفتن، باب خروج الدّجّال، ص: 443.
3 في سنن أبي داود:"إنّي حدّثتكم عن الدّجّال"،بدون ذكر لفظ: كنت، المسيح.
4 "حتى خشيت ألا تعقلوا"، قال الطّيبِي ـ رحمه الله ـ: "أي: حدّثتكم أحاديث شتى، حتى خشيت أن يلتبس عليكم الأمر فلا تعقلوه، فاعقلوه".
5 في السّنن: "إنّ مسيح الدّجّال" بدون الألف واللام.
6 في السنن: "رجل قصير"، هذا يدلّ على قصر قامة الدّجال.
ولا ينافي أنّه أعظم إنسانٍ، كما جاء في حديث تميم الدّاري، وجه الجمع: أنّه لا يبعد أن يكون قصيراً بطيناً عظيم الخلقة، قال القاري: "وهو المناسب؛ لكونه كثير الفتنة، أو أنّ الغظمة مصروفة إلى الهيبة".
(أفحج) كأسود: هو الذي إذا مشى باعد بين رجليه، كالمختتن.
و (جعد) هو من الشّعر، خلاف السّبط، أو القصير منه.
(أعور) إحدى عينيه مطموس العين، أي: ممسوحها بالنّظر إلى الأخرى.
قال في النّهاية: "إنّ الدّجّال مطموس العين، أي: ممسوحها من غير بخص ـ أي قلع العين ـ.
والطّمس: استئصال أثر الشّيء.
والدّجّال سُمِّي بالمسيح؛ لأنّ عينه الواحدة ممسوحة، ويقال: رجل ممسوح الوجه، ومسيح، وهو ألا يبقى على أحد شقي وجهه عين ولا حاجب إلاّ استوى.

الصفحة 253