كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 12)
والمرأة إن وافقت زوجها على الوطء حال الحيض اختياراً فهي مثله، وإن أكرهها فلا شيء عليها، لا إثم ولا كفارة.
قوله: «والدبر» أي: ويحرم وطؤها ـ أيضاً ـ في الدبر، بمعنى أن يولج الذكر في الدبر لقوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، والدبر ليس محلاً للحرث، ولأحاديث متعددة وردت في التحذير منه، ومجموعها يقضي أن تصل إلى درجة الحسن العالي، ومنها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أعجازهن» (¬1).
ثم إن القياس الصحيح يقتضي هذا، فالغائط أخس من الدم بلا شك، فإذا كان الله ـ تعالى ـ حرم وطء الحائض للأذى من الدم، فإن وطء الدبر أشد وأقبح؛ لأن هذا يشبه اللواط، وهو جماع الذكر والعياذ بالله، ولهذا أسماه بعض العلماء باللوطية الصغرى، فلا شك في تحريم وطء المرأة في دبرها.
أما أن يستمتع بها فيما بين الأليتين فلا بأس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: ومن عُرف بالوطء في الدبر وجب أن يفرق بينه وبين زوجته، أي: أن يفسخ النكاح؛ لأن الإصرار على هذه المعصية التي هي من كبائر الذنوب لا يمكن إقراره أبداً.
¬__________
(¬1) أخرجه الإمام أحمد (39/ 468) ط/الرسالة؛ والترمذي في الرضاع/ باب ما جاء في كراهية إتيان النساء في أدبارهن (1164) عن علي بن طلق ـ رضي الله عنه ـ، وقال: حديث حسن، وأخرجه أحمد (5/ 213)؛ وابن ماجه في النكاح/ باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن (1924) عن خزيمة بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ، انظر: التلخيص (1542)، والإرواء (2005).