كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)
الوظائف الحركية الأخرى والتي تؤدي إلى التصرفات الطوعية لسائر أعضاء الجسد مما يؤكد التناسق بين حركة النطق والنظر وحركات الجسم المختلفة يقع في الفص الجبهي للدماغ أو الناصية.
ذ - السلوك والتصرف من مسئوليات الفص الجبهي:
ولتأكيد هذا الاستنتاج نجد أن عدم وجود معظم قشرة الفص الجبهي في الحيوانات يظهر أثره في السلوك الحيواني، فحاسة الشم تثير السلوك الجنسي مباشرة وكذلك السلوك الغذائي والنشاط الحركي المتعلق بالوظائف. أما بالنسبة للإنسان فلا بد من اعتبارات ومعلومات تم تخزينها وترسيخها مسبقا في وظائف قشرة الدماغ خاصة مناطق الربط، بالإضافة إلى الوظائف الغرائزية، قبل أن يقع السلوك الجنسي أو الغذائي أو أي سلوك آخر، مع ما يتبع من أعمال حركية أخرى بالأيدي أو الأرجل أو أي أجزاء أخرى من الجسم كحركة العين للرؤيا، وحركة اللسان للنطق. وهكذا يكون الخيار بالقيام بعمل أو عدم القيام به مركزا في مناطق الحركة الإرادية في الفص الجبهي ذو المساحة الشاسعة من قشرة الدماغ خاصة في مناطق الربط فيه.
معلوم أن للإنسان سلوك غريزي وسلوك مكتسب، ويمكن من باب التشبيه العصري أن نصف السلوك الغريزي بأنه كالبرامج الداخلية التكوين للحاسوب التي تحركها منبهات محددة، بينما السلوك المكتسب يمكن وصفه بأنه كالبرامج الخارجية للحاسوب. فالسلوك الغريزي عند الحيوانات مثلا يثار بالحواس كما هو الحال في حاسة الشم التي تثير السلوك الجنسي أو الغذائي كما أسلفنا، وسبب ذلك يعود لكبر قشرة الدماغ الحوفية مقارنة بقشرة المخ الحديث، وهذا يثبت لنا أن التحكم في الوظائف الحركية لأعضاء جسم الحيوان يكون انعكاسيا أو موجها بالغرائز إلى حد كبير. وقد أثبتت بحوث كثيرة دقة هذا التوجه، كما وأثبت عدة باحثين أن المعلومات الغريزية هي العامل الموجه الرئيسي لسلوك الحيوانات.
أما السلوك المكتسب فهو السلوك الذي توجهه معلومات مكتسبة من البيئة، وهذا النوع عند الإنسان هو الأكثر لأن مناطق الربط في قشرة المخ البشري لها سيطرة واضحة ودور بارز في توظيف المعلومات الحسية وبالتالي في إمكانيات التعلم الهائلة لدى البشر.
فهناك كم هائل من المعلومات المبرمجة والتي يتم اكتسابها إما من خلال الخبرات